إذ سمعنا بحادثة ملأت بأكدارها السهول والحزون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وذلك أن مخدومكم النجيب، وولدكم الحسيب، قد ارتحل من عالم الناسوت والأشباح، إلى عالم الملكوت والأرواح. وذلك لأنه كان معصوماً من الأفعال الردية. امتثل أمره تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فانقبض القلب بهذه الداهية العظمى، وكاد أن ينفضح لهذه المصيبة الكبرى. فما الحيلة يا ابن أمي والآيات لنزول مثل هذه المصائب مؤكدة، والأحاديث لوجودها موطدة، ويدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، وإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فنشكر الله على جميع الأحوال. إذ هو المقدر للأعمار والآجال. فالأحسن والأولى، والأليق والأحرى. أن تتأسوا بمن قبلكم، ولا تأسفوا على ما فاتكم. وعلكم تدفعوا الكدر والآلام، فان كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
وهذه عادة الدنيا وشيمتها ... فيمن مضى وبقي من سائر الأمم
فلا تقابل هذه المصيبة إلا بالشكر، ولا دواء لهذه البلية إلا بالصبر. فنسأل الله أن يديمكم مع سائر مخاديمكم الكرام، ويجعل سلسلة أولادكم وأحفادكم غير منقطعة بين الأنام.