لو كانت العلياء شخصاً ماثلا ... لرأته منه في مكان المغفر
ان أخبروك أو اختبرت علاهم ... أنساك فضل الخبر طيب المخبر
صرف تلك الغوائل بحسن تدبيره، ودفع أنواع المحن بشرح رأيه وتفسيره، ثم رجعنا من ذلك السفر، وقد قضينا منه أنواع الوطر. ومضى بموكبه المنصور الى الروم وأحيا بفيض نائله تلك الرسوم.
ألا يا نسيم الريح إن كنت محسناً ... تحمل إلى أرض الحبيب سلامي
وأني لأرضى أن أكون بأرضهم ... ولو أن في تلك الرسوم حمامي
ثم بعد عدة سنوات، من قطع تلك المهامة والفلوات، وذلك سنة سبع وستين ومائة وألف، من هجرة من له العزة والشرف.
وقع طريقنا على مدينة أرض روم، بعد مكابدة مشقات وهموم، وهو إذ ذاك وإليها، ورافع راية قدرها على همام البلدان وحاميها.
واتفق دخولنا في أثناء عوده من سفر الأكراد، وقد قمع الفساد وأراح العباد. وملك الطارف والتلاد، فتشرفت بناديه ولثمت أنامله وأياديه. فرأيت من بشاشته ما يعجب. ومن إكرامه ما يطرب.
قد زين مجلسه بخطوطه الياقوتية، ورقعه المموهة الذهبية.
إذ هو بديع الخط، وصاحب الأدب المختط. ابن مقلة الكتابة وياقوته، وزاوية الخط وحانوته، فوجبت تهنئة حضرته بأبيات، فأنشأت قصيدة فيه تنبئ عن بعض خوافيه. وأرخت تلك الواقعة وها أنوار نصرته على ربوع الأبيات ساطعة.