بأسجاع الورق والبلابل. وبلاغات لم يأت بمثلها سحبان وائل.
وكلمات تسلى الثكلان، وتنشط الكسلان، وتشرح الصدور، وتنفس عن المصدور، ترقص الرءوس، وتطرب النفوس وتغني عن المدام والنديم. وتورث نشوة النعيم المقيم، جمع فيه مؤلفه لله دره، لكل أديب من أهل عصره، أمير شعره، وبكر فكره وواسطة عقده، ودرة نظامه، وغرة كلامه، وبيت قصيدته، وفرائد قلادته. نظماً كدر السبك رائقاً كالشمول المشمول أو أرق، ونثراً كنثر الورد مونقاً. كالسحر أو أدق. يغص النظم من نسيم الصبا، وطيب عيش الصبا، رقة ونفاسة. ويربو النثر على ماء السماء لطافة وسلاسة.
واستتبع نوادر المحاضرات والمستملحات، وتنقل إلى ما حضرته من المناسبات والاستطرادات. ولعمري قد أصبح هذا الكتاب كغادة متبرجة، تختال في حلل الحسن والنضارة، وخريدة متغنجة تميس في جلابيب البهاء والغضارة، أو حديقة ذات بهجة تبسم ثغور ورودها، أو عشيقة رشيقة تتورد أزهار خدودها أو جنة بربوة تجري تحتها الأنهار، أو روضة أنف تصدح في أفنانها الأطيار.
جمعت فيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، وتعانقت في حقائق البراعة ودقائق الفصاحة. فهو العذب الزلال، والسحر الحلال، وأنفاس الشمال، وأنموذج الوصال.
نعم، وهو في بهائه عقد الجمان، وفي سنائه قلائد العقيان، وفي روائه روض الأخبار وفي نفاسته يتيمة الدهر، وفي نظامه درر النحور، وفي حسن انتظامه تقاصير الحور.