للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل هو سرور الأرواح، ومربع الأرواح. والسمر بلا سهر، والصفو بلا كدر. والأنيس الذي لا يمل، والجليس الذي لا يبتغى له بدل. حقيق بأن يكتب بذوب التبر، لا بالنقش والحبر، وعلى صفحات الأحداق، لا على المهارق والأوراق.

فيا له من كتاب، معجز للكتاب، مناحر للألباب. شاهد لمؤلفه سلمه الله بطول المباع، في المحاضرات الأدبية، وغزارة الأتساع والاطلاع، في فنون الآداب واللطائف العربية، وجودة القريحة الوقادة، وذكاء الطبيعة الكريمة النقادة.

شاهد عدل لا تجرح شهادته، ولا تخشى جهالته، وأنا أقول وفق ما يشهد هذا الشاهد العدل لله در مؤلف هذا الكتاب، ومرصف هذا السفر المستطاب، فقد أتى بما يبهر الألباب من كل غريب وغريبة، وبالفصل الخطاب، من كل نادرة عجيبة.

فكأنه جمع الكلام بين يديه، حتى انتقى منه وانتخب، وألقت إليه العبارات مقاليدها حتى اختار منها ما رام وطلب. أو أوعى البلاغة في صدره، وحبس الكلام بين طبعه وفكره، حتى انقادت له شوامس البلاغة بأزمتها، ولانت له عريكة الفصاحة، فاقتادها برمتها.

يتصرف في الكلام كما رام، ويسبق فيه كما يريد إلى بلوغ المرام. سهلت له من سبك العبارات حزونه، ولانت له متونه ونبعت له عيونه، ودانت له إبكاره وعونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>