للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يانعاً وسابق قصب السبق في مضمار البلاغة فغدا فضله ساطعاً.

فيا لوارد من كعبة جود وكرم، ومعدن فضل وحكم. اخذ بمقاليد البلاغة من كل جانب، ورماني من الفصاحة بهذا السهم الصائب، فحركت البنان، مع معاونة اللسان، فغرد قمري الأنامل على أيك القلم، ولفظ من فمه البرء بعد السقم. ونفث من سحر آياته الباهرة، وهو متمايل بين رياضه الزاهرة. كما هو مسطور، من منظوم ومنثور. وكنت ممن زجر الطبيعة، عن اكتساب هذه الصنيعة. ولان لسان التقصير، كما هو مشهور قصير. ولا سيما والفضل روض أنت سناه، والكمال شيء أنت مناه. والفصاحة قد أخذت بمقاليدها، وعلمت طارفها وتليدها. فالمرجو العفو عن التقصير العميم، فإني قد أشرت إلى إلقاء عصا التسليم.

*** ولما أصبحت المعالي وقد أزهر به ربعها، واتسق بادبه شاردها، وانتظم بفضله جمعها، وهو إذا في بلدنا مفتي الامة، والملاذ المغيث في كل مدلهمة. وقد همى منه للمعارف انسجام. وأصبح بأدبه لأرباب البلاغة إعجام (١). وأوضح إشكالا، وفتح أقفالا.

وسهل صعاب، وسلك في القريض شعاب. وسئل عن كل شكل فأجاب، وأغرب في كل ما أملى وأصاب.

فمن جملة ما وصله على طريق السؤال من ابن عمنا عمر (٢)، هذا السؤال الادبي المبتكر. وهو:


(١) في ب: من اعجام
(٢) هو عمر بن ابي بكر العمري. ذكره صاحب منهل الأولياء ١/ ٢٣٢ وقال عنه: كان رجلا صالحا منقطعا في بيته، مشغولا بمطالعة الكتب ومذاكرة الطلاب، ينظم المدائح النبوية، وشعره متوسط. وكان قد عرض له آخر عمره مرض الوسواس فتحاشى عن مجالسة الناس. ومات سنة نيف وستين بعد المائة والف

<<  <  ج: ص:  >  >>