للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفثت مقلتاه سحرا فأمسى ... كل صب محلول عقد العزائم

وعلى غصن قده كم تمنى ... طائر القلب لو يكن فيه حائم

جال ماء الجمال في روض خد ... منه إنسان مقلتي فيه عائم

لا تلمني إن سمته بيع روحي ... فعلى كل حالة أنا سائم

فسقى الله ملعباً قد تقضى ... حادث الدهر كان لي عنه نائم

بعتاب أرق من ورد خد ... نبهت جفنه أيادي النعائم

قوله: وده الصب فوق جفنيه دائم، فيه من أنواع البديع الاكتفاء (١). وهو نوع لطيف ينقسم إلى قسمين: قسم يكون بجميع الكلمة، وقسم يكون ببعضها. وقالوا: الاكتفاء بالبعض اصعب مسلكا، ولكنه أحلى موقعا.

فشاهد الاكتفاء بجميع الكلمة قول ابن مطروح (٢):

لا أنتهي لا أنثني لا أرعوي ... ما دمت في قيد الحياة ولا إذا

إذ المعلوم أن باقي الكلمة ولا إذا مت، لما تقدم من قول الحياة، ومتى ذكر تمامه في البيت الثاني كان عيباً من عيوب الشعر، مع ما يفوته من حلاوة الاكتفاء ولطفه وحسن موقعه في الأذهان.

ومنه قول شيخ شيوخ حماة (٣)

أهلا بطيفكم وسهلا ... لو كنت للإغفاء أهلا

لكنه وافى وقد ... حلف السهاد علي أن لا


(١) الاكتفاء ضرب من الايجاز، نوع يكون بكلمة فاكثر ونوع يكون لبعض كلمة فالاول هو ان يقتضي المقام ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط، فيكتفى باحدهما عن الآخر مثل قوله تعالى «سرابيل تقيكم الحر» اي والبرد. والنوع الثاني من الاكتفاء وهو الذي يكون ببعض الكلمة فهو حذف بعض حروف القافية من آخرها لدلالة الباقي عليه انظر تفصيل ذلك في انوار الربيع ٣/ ٧١.
(٢) انظر حاشية ص: ٨٥
(٣) انظر حاشية ص: ١٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>