للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أم طفل قذفها الزمن العنيد، ببعض البيد، في ارض موحشة المسالك، قليلة المهالك (١)، قد لمع سرابها، وتوقدت هضابها، وصرخ بومها، ونفر ظليمها، وحضر سمومها، وغاب نسيمها.

فلما خافت على ولدها من الظمأ الهلاك، أجلسته إلى جانب كثيب هناك. ثم ذهبت في طلبة الماء للغلام، لئلا يقضي عليه الأوام، فانتهى بها المسير، إلى روضة وغدير، وآثار مطي بوارك، تدل على أن الطريق هنالك، فعادت إلى ولدها مسرعة، وكل أعضائها إليه متطلعة. فلما شارفت جانب الكثيب، رأت ولدها في فم الذيب. فجرت دمعتها وسالت، وتحرقت فقالت (٢):

بأكثر مني حسرة وتلهفا ... وأعظم مني حرقة وتوجعا (٣)

وأغزر دمعا عند ما قيل لي الذي ... كلفت به أضحى على البعد مزمعا

ولابن نباته من رسالة:

وينهى بعد ولاء غير مختلق، ودعاء كان طائره المحلق إلى السماء مخلق الشفق. وثناء ماء الروض وان زها وجهه الأنضر، وجادت خيوط الودق حتى نسج فيه برده الأخضر. وتبسمت عجبا في أرجائه ثغور الأزهار وتنفست فرحا بظلال مروحه معاصم الأنهار بأبهج منه رونقاً، ولا أعطر منه عبقا، ولا أسجع على أفنان الفصون مطوقا.

طوقتني نعماً فها أنا ساجع ... مدحاً ولا عجب بسجع مطوق


(١) في الاصلين الهالك والتصويب من الخزانة ص ٤١٥.
(٢) هذه الجملة ليست في الخزانة والمعنى لا يستقيم بها.
(٣) وورد الشطر الاخير واعظم مني فرقة وتاسفا وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>