للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جمع هذا السيد المعروف بالبسالة فيما ذكره ووشاه في هذه الرسالة، بين التهنية والتعزية، وتفنن في أحسن أنواع الافتنان (١).

إلا أن أهل البديع، قرروا في نوع الافتنان أن الجمع بين التهنية والتعزية في النظم اصعب مسلكا لشدة التناقض بينهما. واستشهدوا عليه بقول بعض الشعراء (٢) ليزيد بن معاوية، لما دفن أباه وجلس للتعزية قوله:

اصبر يزيد فقد فارقت ذا ثقة ... واشكر حباء الذي بالملك أصفاكا

لا رزء أصبح في الإسلام نعلمه ... كما رزئت ولا عقبى كعقباكا

وقال زكي الدين عبد العظيم بن أبي الإصبع (٣) في كتابه المسمى بتحرير التحبير: أحسن شعر افتن فيه صاحبه بالجمع بين التهنية والتعزية قول أبي نواس لأبي العباس الفضل بن الربيع يعزيه بالرشيد


(١) الافتنان هو الاتيان بفنين مختلفين من فنون الكلام في بيت واحد فاكثر، مثل النسيب والحماسة، والمدح والهجو، والتهنية والتعزية. ولا يختص بالنظم بل يكون في النثر ايضا.
(٢) هو عبد الله بن همام السلولي، من بني مرة بن صعصعة، شاعر اسلامي، ادرك معاوية وبقي الى ايام سليمان بن عبد الملك او بعده، وقيل انه توفي سنة مائة للهجرة او نحو ذلك. انظر: الشعر والشعراء ص ٥٤٤ والكامل للمبرد ١٢٦٩ وسط اللآلى ٦٨٣.
(٣) هو ابو محمد زكي الدين عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن محمد المصري المعروف بابن أبي الاصبع ولد بمصر سنة خمس وثمانين وخمسمائة وقيل سنة تسع وثمانين وخمسمائة. تعلم في مصر وكان اشتغاله بالادب والشعر والنحو ثم سافر الى الشام وصحب جماعة من الملوك والرؤساء. وتوفي سنة اربع وخمسين وستمائة. الف في البديع واعجاز القرآن كتاب «تحرير التحبير» و «بديع القرآن» نشرهما الدكتور حفني محمد شرف وله كتب اخرى لم تنشر. انظر مقدمتي الكتابين المذكورين.

<<  <  ج: ص:  >  >>