للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختصت بارتشاف ذلك الثغر الشهدي المذاق ومطالعة ذلك الوجه البسام. فنزل على ابن عمه السيد عبد الله ذلك العلم المشهور، واللواء الزاهر الذي على عاتق الخافقين منشور. فقرا على ذلك العلم واستفاد، فملأ بفضله تلك المعالم والعهاد. فاكتسب من فضله أنواعا، ومن أدبه إكيلة واصواعا، حتى مد إلى ذرى الفضائل باعا والى معاهد الكمال قدما وذراعا.

ثم ثنى عنان القراءة على العالم العلامة والحبر الفهامة، صبغة الله بن إبراهيم بن حيدر (١)، فحاز من العلم ما هو كالشهد ومن الأدب ما هو كالسكر المكرر. منحه بالفوائد التامة، وأجازه بالإجازة العامة.

وكنت أحب الاجتماع به، لما شاهدت منه من أدبه. لأراه بعد صغره في دائرة الكمال، وكيف بدر بعد أن كان هلال.

فاتفقت لنا رحلة إلى تلك المدينة، فرأيت الفضل مذهبه والعفة دينه. وذلك بعد حين من الدهر، فأشرق علي إشراق القمر عند البدر. فلقيته وقد جر على المجرة أذيالا. فقلت جل الواهب العلي وتبارك وتعالى، هكذا فيلكن الأديب الكامل وإلا فلالا. ما غادر صغيرة من المعارف ولا كبيرة إلا وحازها، وعرف حقيقتها على التحقيق وأصولها ومجازها. قد نظمها في سلك فهمه نظم الدراري والدرر، وأدرجها في درج علمه فما باهى (٢) بها ولا افتخر.

فقليلها وكثيرها عنده معدودة معهودة، وهي بانواعها المجملة


(١) سيترجم له المؤلف.
(٢) في الاصول: باها.

<<  <  ج: ص:  >  >>