للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول ابن رشيق (١):

أصح وأقوى ما روينا في الندى ... من الخبر المأثور منذ قديم

أحاديث ترويها السيول عن الحيا ... عن البحر عن جود الأمير تميم

ومنها حسن التخلص:

مالي أرى مخلصا من حبهم أبداً ... إلا بمدحي أمينا زاكي الشيم

وهو أن يكون التشبب أو التشبيب ممتزجا بما بعده من مدح أو هجاء أو اعتذار أو غرض من الأغراض، وهو من أقوى الدلالات على حسن تصرف الشاعر وكمال اقتداره وجودة فكره. وهو قليل في أشعار المتقدمين، كثير في أشعار المتأخرين.

وحقيقة الخلوص من كلام إلى كلام بلطيفة تلائم ما بين الكلامين، حتى يكون آخر الكلام الأول وأول الكلام الثاني كأنما افرغا في قالب واحد. وكلما تكرر كان دالا على قوة الناظم وقدرته على التصرف، وأحسنه ما كان بلفظه. وشاهده من كلام المتقدمين قول الأعشى يخاطب ناقته:

لا تشكي إلي وانتجعي الأس ... ود أهل الندى وأهل المعالي

ومن التخلصات المختارة للمتأخرين، قول أبي تمام (٢):


(١) هو ابو الحسن بن رشيق القيرواني. شاعر، اديب، نحوي، مؤرخ. ولد بالمهدية وقيل بالمسيلة وتعلم الصياغة، ثم مال الى الادب، وقال الشعر. ورحل الى القيروان سنة ست واربعمائة ومدح ملكها وحدثت فتنة فانتقل الى صقلية، واقام بمازر الى ان توفي سنة ثلاث وستين واربعمائة من تصانيفه «العمدة في صناعة الشعر ونقده- ط «وقراضة الذهب- ط» في النقد و «ديوان شعره- ط» وغيرها.
وفيات الاعيان ١/ ٣٦٦ ومعجم الادباء ٧/ ١١٠ وبغية الوعاة ١/ ٥٠١ وانباه الرواة ١/ ٢٩٨ وشذرات الذهب ٣/ ٢٩٧ والمكتبة الصقلية ٦٤٤ والاعلام ٢/ ٢٠٤ ومعجم المطبوعات العربية ١١٠.
(٢) انظر حاشية ص. ٣٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>