للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مخترعاته حتى غدا لذوي الألباب ذخرا ولأرباب الآداب ملاذا. فعطر الآفاق بضوع نشره، ونور الأحداق بضوء بشره.

فكان جنابه بالذات ألم نشرح (١)، في كل ما كان يجمل من صحف البيان ويشرح

رفع تيجان البلاغة بسعيه المشكور على هامه، وفسر مشروح البيان بفعله المبرور وبمعجز ابهامه. سير قوا في النظم إلى أرباب الكمال وجهز، وأسهب في معالم النظم لذوي المعالي وأوجز.

فهو من الذين يسمع الدهر إذ يقول، ويشار إليه بالأصابع بين الفضلاء والفحول. وهو الذي ترجع إليه بنو الآداب بأنسابها، وتنسق على عقود فضله وأدبه عقد عدها وحسابها. فكم أثر خلد وكم ذكر أبد (٢)، ومعاهد جدد، ومباني وحد، وفرائد افرد، فكان كالقمر إذا بدر، والفجر إذا انتشر، والقطر إذا قطر، والبحر إذا زخر. والسحاب إذا انساب، والهلال إذا آب، وكم مكارم أزهر، ومواسم أبهر، وفرائد نور أو محامد أثمر. ورياض عمر، وحياض غمر (٣). وكم قضى بالأدب عمرا بعد عمر، وقضى بالفضائل دهرا بعد دهر، فانمحت آحاده في تلك العشرة فكل منهل من الآداب ورده، وكل حديث في الكمال سلسله واسنده.

فتى كالثريا في المعالي وفي النهى ... هو الشمس في وقت الضحى إذ تجلت

ولما سد ثغور الأدب، وانتهت اليه الرئاسة في العرب، أحلق


(١) سورة الانشراح، آية: ١ ألم نشرح لك صدرك.
(٢) في الاصول: فكم اثرا خلدوكم ذكرا أبد.
(٣) في الاصل: ورياضا، وحياضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>