فنضت دمقسا من حرير ازرق ... وجلت صفاء مخلخل ومسور
فرأيت في ضمن الزبرجد جوهرا ... والشعر بين مجعد ومضفر
جاءت وقد مد الظلام سرادقا ... والصبح شيء بيننا لم يذكر
في روضة ضحك الاقاح وغامزت ... أحداق نرجسها البهي المزهر (١)
فهي الجنان وماء كوثرها ال ... غدير فلا نبع نقد الهنا بمؤخر
خطرت فنم حليها ولقد أتى ... صبح الجبين بعرف مسك أذفر
هذا يتم لحارس وضياء ذا ... يهدي الرقيب وذا دليل المفتري
باتت تردد ويلها ويدي لها ... طوق وتبدي فكرة المتذكر
وغدت تنشف طرفها بيمينها ... وتحل باليسرى عقود تصبري
فرأيت ما في نحرها بجبينها ... خجلا وينثر من كحيل احور
قامت تودعني فلجلج نطقها ... خوف الرقيب كلكنة المتضجر
وتنهدت جزعا فأثر كفها ... أثرا يدل على جوى وتحسر
طبعت بمخضوب البنان علامة ... في صدرها فنظرت ما لم أنظر
أقلام ياقوت كتبن بعنبر ... بصحيفة البلور خمسة أسطر
فكأنها الحدباء بلدتنا التي ... تزهو وتزهر بالرداء الأخضر
إذ غاب عن غاباتها أسد الشرى ... نعم العرين غدت بغير غضنفر
والبصرة الفيحاء زال ظلامها ... وبها بدا نور الصباح المسفر
إذ خادم الحرمين قال بنصه ... لأبي أمين يا أمين تبصر
تبت يدا من قال لي جهلا ألا ... هن ابن أندى الخلق وأنظم وأنثر
كل الهناء لبصرة ما أبصرت ... كأبي أمين في جميع الأعصر
ولسوف يرعى ذئبها مع شاتها ... وسوادها ترعى أمام الجؤذر
(١) في الاصل: احدق نرجسها.