للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسهر في ليالي الفضائل وأسهد، وسابق في ميدان المعارف فأبعد.

أسفر عن البلاغة صباحها، وصير نفسه جناحها. فلم يبق من البيان موردا إلا وقد ورده. ولا عقدا إلا وقد أحرزه وأصفده. فرقى من الفضل إلى المقام الاسنى، وملك في الفصاحة زمام المكارم والحسنى

من البشانقة الغر الذين لهم ... لواء حسن على الأقمار معفو

فهو الدقيق الفكر، والشهير الذكر. الذي عمر المشاهد، وأساغ لها المصادر والموارد، حتى أثمرت أغصان بأنامله، وتفتحت أزهار حدائق الأدب بموارده ومناهله.

فكل فضيلة لديه منحطة، وكل حسنة بكمالاته مزينة ومختطة، فهو رئيس حرفة النظم والنشيد، ونفس جسد البيت والقصيد.

إذا نظم أصغى الدهر إلى نظامه، وصار بكله مسامع إلى سماع كلامه.

تخذ التطول بالفصاحة عادة ... فكأنه كلف بذاك متيم


- أظفاره. ولما ادركت دولته حرفة الادب. ولتمت له ولايته وكان أمير المؤمنين بلا لقب، رأيت هذا الشاعر في لجة بحر دفته يجر ذيول البلاغة مع أربابها، ويأتي بيوت الفصاحة من أبوابها. له معاشرة وموانسة مع الحسان ومغازلة مع الغزلان، وميل على ذمة الناقل الى المرد والفتيان، فجرني عن معاشرته صقال العارضين، وصيرني دينار وجهي من منادمته صفر اليدين.»
وقد ذكر له من الشعر قصيدة رائية طويلة يذكر بها ايام شبابه مطلعها «خلباني من ذكر زيد وعمرو» وأخرى رائية أيضا مطلعها «رأيت في رأي من يهوى الذكور ومن» يفاضل فيها بين النساء والغلمان ولم يذكرهما صاحب الروض.
وله ترجمة في كتاب الحجة فيمن زاد على ابن حجة ٩٧، ٩٨، ٩٩ وتاريخ الموصل ٢: ١٤٠ والعلم السامي ٢٨ وترجم له صاحب الدر المكنون في حوادث سنة اربعين ومائة والف. فقال فيها توفي أديب الزمان ملا جرجيس بن درويش الموصلي الحنفي. كان شاعرا مجيدا. لطيف المعاشرة، حسن المسامرة، فيه دعابة ومجون، وله اليد الطولى في نظم التواريخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>