للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لازم الوالد ملازمة الزند للساعد، فقضى العمر والزمان مساعد.

ثم أتم نحبه، ولقي بالخير ربه.

مات من كنا نراه أبدا ... طود فضل راسخ كالوتد

بحر فضل ماج في أحشائه ... فرمى في قلبه بالزبد

كان مثل السيف إلا أنه ... حسد الدهر عليه فصدى

له أدب تحسد عليه النفوس الآذان، وكمال يصلح أن يكون عوضا عن الأرواح في الأبدان. تستفيد منه العيون نورا، والقلوب بهجة وسرورا. وله من النظم ما هو البدر المقمر، والشمع المقصور المزهر. وقد ذكرت منه، ما يخبرك عنه.

فمن ذلك قوله في مدح الوالد رحمه الله تعالى (١).

ربع الشباب هو الربيع الاينع ... ورياضه لذوي البلاغة مرتع

اكداره صفو المشيب وماؤه ... خمر وظلمته شموس تطلع

فاغنم لذيذ حياته فالمرء لا ... يدري لعمرك أين منه المصرع

لا تجعلن العيش منه مؤجلا ... ما فاز باللذات إلا مسرع

وانهز به فرص الزمان فإنه ... ما مر من أيامه لا يرجع

أو ما ترى من مر عمر شبابه ... منه بلهو صباه كان يولع

فاليوم أن ذكرت له أيامه ... كادت حشاه أسى عليه تقطع

يا لائمي باللهو في زمن الصبا ... لست النصوح ولست ممن يسمع

أني امرؤ لا يلو عن لذاته ... أن شئتموا لوما فلوموا أو دعوا (٢)

مالي ومن يدعو التنسك رتبة ... دعني فلى بين الندامى موضع (٣)


(١) أختار صاحب الشمامة من هذه القصيدة سبعة عشر بيتا.
(٢) في الاصل: لولا فلوموا. وفي الشمامة اني امرؤ ما حال عن لذاته.
(٣) في الاصل: بين النداما. ومن يدعو التنسك ريبة. وفي الشمامة ومن جعل التنسك رتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>