للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبب الخلاف: يرجع اختلاف الفقهاء في هذه المسألة إلى أمرين والله أعلم:

الأول: هل تكفي مطلق النية في صحة الصوم أو يشترط تعيينها؟ .

الثاني: النهي هل يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ (١).

أدلة القول الأول: القائلين لا يصح صومه لا عن رمضان ولا عن غيره، وعليه قضاء ذلك اليوم.

الدليل الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا تستقبلوا الشهر استقبالا» (٢).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يوم الشك، بقوله: «ولا تستقبلوا الشهر»، ثم أكد هذا النهي بقوله: «استقبالا»، فهذا دليل على نفي صحة صيام اليوم الذي يشك فيه إذا تبين أنه من رمضان (٣).

الدليل الثاني: ولأن النية الجازمة شرط في صحة العبادة، وهي ههنا متعذرة، وكل قربة بدون شرطها ففعلها حرام (٤).

الدليل الثالث: وقياسا على من صلى شاكا في دخول الوقت، ثم علم أنه قد صلى في الوقت، فإن صلاته لا تصح، وعليه إعادتها (٥).

الدليل الرابع: ولأنه صامه اتفاقا من غير بينة، فوافق الواجب، فلم يجزئه (٦).

وبيان هذا في الزكاة: أن يخرج مقدارا من المال، ويقول: إن ورثت مال والدي فهذه زكاته، وإن كان حيا ولم يمت فهي تطوع. فبان له موت والده، وأنه كان مالكا للمال عند إخراجه، لم يجزه؛ لأنه أخرجه وهو على شك من تَملُّكه، والأصل حياة والده (٧).

الدليل الخامس: ولأنه لما لم ينوي أنه من رمضان كان كالمعرض عنه، والمعرض عن فعلٍ، لا يكون آتيا به (٨).


(١) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ٩٦.
(٢) سبق تخريجه صفحة (١٢٢).
(٣) ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير ٧/ ١٩، وطرح التثريب ٤/ ١١٤.
(٤) ينظر: الذخيرة ٢/ ٥٠٢.
(٥) ينظر: جامع الأمهات ص ١٧١، المهذب للشيرازي ١/ ٣٤٦.
(٦) ينظر: المجموع ٦/ ٢٨١.
(٧) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٢١.
(٨) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٨٤.

<<  <   >  >>