للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: منهج المباركفوري في اختياراته، وموقف العلماء منها.]

إن المستقرئ لكتاب الشيخ عبيد الله المباركفوري مرعاة المفاتيح، يجده قد سلك في اختياره في المسائل الفقهية مسلكا بديعا. حيث إنه يذكر المسألة الفقهية أولا، ثم يذكر الخلاف الحاصل فيها، مع نسبة كل قول إلى أصحابه، ثم يعرض أدلتهم، ويناقش الأدلة الواردة في المسألة مناقشات علمية، أو ينقل مناقشات بعض أهل العلم، فيقرها تارة، ويجيب عنها أخرى، حسب ما توصل إليه اجتهاده. ثم يختم ذلك باختيار قول في المسألة يراه صوابا، أو راجحا، أو ظاهرا، على ما تقتضيه الأدلة. وقد يضيف أدلة لم تُذكر عند عرض المسألة ليعضد بها اختياره.

ولا شك أن الشيخ قد مشى على أصول وقواعد، رجح على ضوئها ما اختاره من الأقوال عند عرض المسألة الفقهية، كما هو شأن أهل العلم، وهذا عرض لجملة من تلك الأصول والقواعد التي مشى عليها الشيخ.

أولا: تقديم نصوص الكتاب والسنة الصحيحة على غيرها من الأدلة في الترجيح والاختيار، ورد الاستدلال بالأحاديث الضعيفة، وتقديم ظواهر الأحاديث في الترجيح على ما يخالفها من أقوال للعلماء. وقد صرح بذلك في مواطن كثيرة.

ومن ذلك قوله: "لا يكفي للاحتجاج على المطلوب رواية أحد كائنا من كان ما لم يعلم كونه صحيحا أو حسنا" (١).

وقال أيضا: "لأن فتيا الصحابي لا تقاوم الحديث المرفوع الصحيح السنة، الصحيحة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق بالاتباع وفيها غنية عن كل قول" (٢).

وهذا الكلام قاله عندما رجح وجوب قضاء الصيام عن الميت على وليه؛ لورود النص بذلك (٣).


(١) ينظر: مرعاة المفاتيح ٢/ ١٠٦.
(٢) ينظر: مرعاة المفاتيح ٧/ ٢٩.
(٣) ينظر: مرعاة المفاتيح ٧/ ٢٨.

<<  <   >  >>