وهذا الحافظ العلاَّمة شمس الدين محمد بن عبد الهادي المتوفى سنة ٧٤٤ هـ، الذي جمع اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم نظمها من بعده الشيخ العالم الفاضل سليمان بن سحمان بن مصلح بن حمدان العسيري , النجدي المتوفى سنة: ١٣٤٩ هـ، وغير ذلك كثير.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام نفيس في هذا الموضوع، حيث قال: "من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه, أو يحكي الخلاف ويطلقه, ولا ينبه على الصحيح من الأقوال, فهو ناقص أيضا" (١).
ويعدّ الشيخ عبيد الله الرحماني المباركفوري من خير من طَبَّقَ هذا المنهج القويم في مؤلفاته, فتجد أنه لا يمر بمسألة من المسائل سواء كانت المسألة عقديةً، أو فقهيةً إلا وينبه على الصحيح منها بالأدلة، كما ينبه على ما هو مرجوح بالحجة والبرهان, وكان هدفه الأسمى ترجيح ما يؤيِّده الدليل سواء وافق فيه السواد الأعظم أو خالفهم, فالعبرة عنده بالدليل لا بقول القائل, وهذا هو شأن المحققين من العلماء الذين امتن الله عليهم بالتبحر في العلم والتعمق في الفهم.
ومن هنا كثرت عنده الاختيارات والترجيح في المسائل الفقهية, فكان من حقه علينا جمع اختياراته وتقديمها لعموم المسلمين, للاطلاع عليها والاستفادة منها، ومن ثم كان هذا المشروع العلمي الذي سُمِّي: "الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف جمعا ودراسة"، وجمعت فيه (١٠١) مسألة.
وأسأل الله العظيم بمنه وجوده وكرمه أن يجزل المثوبة والعطاء للشيخ عبيد الله، ويرفع درجته في عليين، ويلحقنا به مع سيد المرسلين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[أهمية الموضوع وأسباب اختياره.]
إن أهم الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع تتجلى في التالي:
١ - إن دراسة مثل هذا الموضوع توسع آفاق معرفة الباحث ومداركه العلمية.
٢ - الإسهام في جمع وإخراج اختيارات الشيخ عبيد الله المباركفوري وآرائه الفقهية.
(١) ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٣/ ٣٦٨.