للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الخامس: هل يجوز (الاشتراط في الاعتكاف)؟ (١).

اختيار الشيخ: اختار أنه لا اشتراط في الاعتكاف فقال: "قلت: الظاهر عندنا هو قول من لم يقل بالاشتراط في الاعتكاف؛ لأنه لا دليل عليه من سُنَّة صحيحة أو ضعيفة، ولا من أثر صحابي، ولا من قياس صحيح" (٢).

تحرير محل الخلاف: مر في المسألة السابقة أن العلماء أجمعوا على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول (٣)، ومر أيضا أنهم اختلفوا في خروج المعتكف لعيادة المريض أو لصلاة الجنازة، وكان المقصود هناك: أن يخرج المعتكف من غير شرط يشترطه عند اعتكافه.

وأما مسألتنا هذه فهي في حكم اشتراط المعتكِف -عند عقد نية اعتكافه- فعل بعض الطاعات أو المباحات مما ينافي الاعتكاف: كالخروج لشهود الجنازة، أو الخروج لعيادة المريض، أو غير ذلك، فاختلفوا فيها على قولين:

القول الأول: يجوز للمعتكف أن يشترط.

وهو قول: الحنفية (٤) , والشافعية (٥) , والحنابلة (٦) , والظاهرية (٧).

القول الثاني: لا يجوز للمعتكف أن يشترط.

وبه قال: المالكية (٨)، وهو اختيار الشيخ.

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم -والله أعلم-: هل يُشَبَّه الاعتكاف بالحج في جواز الاشتراط، أو يُشَبَّه بالصلاة والصيام في عدم جوازه؟ (٩).


(١) معنى الشرط في الاعتكاف: أن ينوي عند عزمه على الاعتكاف فعل أمر في أثنائه ينافيه. ينظر: شرح زروق على متن الرسالة ١/ ٤٧٦.
(٢) مرعاة المفاتيح ٧/ ١٦٣.
(٣) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٥٠، والإشراف له ٣/ ١٦٢, والإقناع في مسائل الإجماع ١/ ٢٤٣، والمغني ٣/ ١٩٢, والكافي لابن عبد البر ١/ ٣٥٣ , والمجموع ٦/ ٥٠١.
(٤) الدر المختار ص ١٥٣, حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٧٠٢, رد المحتار ٢/ ٤٤٨.
(٥) الأم ٢/ ١١٥, الوسيط ٢/ ٥٧١, العزيز ٣/ ٢٦٨, كفاية النبيه ٦/ ٤٦٠.
(٦) الهداية ص ١٦٧، المغني ٣/ ١٩٥، الفروع ٥/ ١٧٦, منتهى الإرادات ٢/ ٥٠، الإنصاف ٣/ ٣٧٥.
(٧) المحلى ٣/ ٤٢١.
(٨) المدونة ١/ ٢٩٣, الرسالة ص ٦٤, الكافي ١/ ٣٥٤، الإشراف ١/ ٤٥٥، مواهب الجليل ٢/ ٤٦٤.
(٩) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٨١، والمعونة ١/ ٤٩١.

<<  <   >  >>