للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني عشر: معنى صيام يوم في سبيل الله.]

اختيار الشيخ: اختار أن المقصود الصيام في الجهاد، فقال نقلا عن المنذري: "وقد ذهب طوائف من العلماء إلى أن هذه الأحاديث جاءت في فضل الصوم في الجهاد، وبوب على هذه الترمذي وغيره. وذهبت طائفة إلى أن كل الصوم في سبيل الله إذا كان خالصا لوجه الله تعالى". ثم قال الشيخ بعدها: "قلت: والراجح عندنا هو القول الأول" (١).

تحرير المسألة: قد وردت نصوص كثيرة تُبيِّن عِظَم أجر الصائمين عند الله عز وجل , فمن ذلك: أن جعل سبحانه وتعالى لهم بابا من أبواب الجنة خاصا بهم لا يدخل منه غيرهم, فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم» (٢).

وقد جاءت أحاديث كثيرة -كما سيأتي معنا إن شاء الله-، في عِظَم أجر من صام في سبيل الله، فاختلف العلماء في من يستحق هذا الأجر، على قولين:

القول الأول: أن معناه الصيام في الجهاد.

وبه قال: البخاري (٣) , والترمذي (٤) (٥) , وابن الجوزي (٦) (٧) , وابن دقيق العيد (٨).

وهو: اختيار الشيخ -رحمه الله-.


(١) مرعاة المفاتيح ٧/ ٩٢، وينظر كلام المنذري في الترغيب والترهيب ٢/ ٥٣.
(٢) رواه البخاري ٣/ ٢٥ رقم ١٨٩٦, في الصوم باب الريان للصائمين, ومسلم ٢/ ٨٠٨ رقم ١١٥٢, في الصيام, باب فضل الصيام.
(٣) صحيح البخاري, كتاب الجهاد والسير، باب فضل الصوم في سبيل الله ٤/ ٢٦, فتح الباري ٦/ ٤٨.
(٤) هو: محمد بن عيسى بن سَوْرَة السُّلمي، أبو عيسى الترمذي الضرير, الحافظ, تلميذ البخاري, كان يضرب به المثل في الحفظ, توفي سنة ٢٧٩ هـ, من تصانيفه: سنن الترمذي، والشمائل النبوية. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٧٠؛ تهذيب الكمال ٢٦/ ٢٥٠؛ وتهذيب التهذيب ٩/ ٣٨٧.
(٥) العرف الشذي شرح سنن الترمذي ٣/ ٢١٦, فيض الباري على صحيح البخاري ٤/ ١٧٠.
(٦) هو: عبد الرحمن بن علي بن محمد البغدادي الحنبلي, أبو الفرج ابن الجوزي، يرجع نسبه إلى أبي بكر الصديق, علامة عصره, اشتهر بوعظه المؤثر, وكان الخليفة يحضر مجالسه، توفي سنة ٥٩٧ هـ, من تصانيفه: زاد المسير في التفسير؛ والضعفاء والمتروكين؛ والموضوعات, كلاهما في الحديث. ينظر: الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٣٩٩؛ سير أعلام النبلاء ٢١/ ٣٦٥, والأعلام للزركلي ٣/ ٣١٦.
(٧) كشف المشكل من حديث الصحيحين ٣/ ١٥٣.
(٨) إحكام الإحكام ٢/ ٣٧.

<<  <   >  >>