للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثامن: ما هو الحد الواجب في الإطعام في كفارة الجماع في رمضان؟ .]

اختيار الشيخ: اختار أن الكفارة إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مُدّ (١) , موافقة للمالكية والشافعية، فقال -في معرض رده توجيه الحنفية بأن قصة الأعرابي المجامع متعددة، واستدلالهم بحديث المُظاهر (٢) على أن الكفارة الواردة فيه هي كفارة الجماع، وأن أدلة المالكية والشافعية فيها اضطراب-: "قلت: دعوى التعدد مخدوشة لكونها خلاف الظاهر والأصل. وأما رواية أبي داود في قصة المظاهر ففي إسنادها محمد بن إسحاق وقد عنعن ... ودعوى الاضطراب في حديث أبي هريرة مدفوعة كما رأيت" (٣). ولم يذكر مذهب الحنابلة.

تحرير المسألة: قد مر معنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر الأعرابي بإطعام ستين مسكينا في كفارة الجماع في رمضان (٤). وقد اختلف الفقهاء في مقدار هذه الكفارة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها ٣٠ صاعا (٦٠ مُدّا) من البُرّ لكل مسكين نصف صاع أي: مُدان، أو ٦٠ صاعا (١٢٠ مُدّا) من غير البُرّ لكل مسكين صاع أي: أربعة أمداد.

وبه قال: الحنفية (٥).

القول الثاني: أنها ١٥ صاعا (٦٠ مدا) لكل مسكين ربع صاع أي: مُدّ.

وبه قال: المالكية (٦) , والشافعية (٧)، والظاهرية (٨)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثالث: أنها ١٥ صاعا (٦٠ مُدّا) لكل مسكين ربع صاع أي: مُدّ من البُرّ، أو ٣٠ صاعا (٦٠ مدا) من غير البُرّ لكل مسكين نصف صاع أي: مُدان.


(١) المُدّ: هو الحجم المقابل لمِلء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، ويختلف وزنه من مادة إلى أخرى، والصاع: أربعة أمداد. ينظر: الفواكه الدواني ١/ ٣٢٧، وشرح الزرقاني لخليل ٢/ ٣٣٠، وبالمقاييس المعاصرة ينظر: الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان لابن الرفعة ت: محمد الخاروف.
(٢) يعني: حديث سلمة بن صخر البياضي, وسيأتي تخريجه صفحة (٣٩٨).
(٣) مرعاة المفاتيح ٦/ ٥٠٣.
(٤) سبق تخريج حديث الأعرابي صفحة (٣٦٣).
(٥) بدائع الصنائع ٥/ ١٠١, تحفة الفقهاء ٢/ ٢١٥, البناية ٤/ ٥٩, مراقي الفلاح ص ٢٥١.
(٦) المدونة ١/ ٢٨٤، الرسالة ص ٦١، الكافي ١/ ٣٤٢، الذخيرة ٢/ ٥٢٦، مختصر خليل ص ٦٢.
(٧) الأم ٢/ ١٠٨, الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٣، المجموع ٦/ ٣٤٥، العزيز شرح الوجيز ٣/ ٢٣٦.
(٨) المحلى ٤/ ٣٣٣.

<<  <   >  >>