للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه قال: الحنابلة (١).

سبب الخلاف: وسبب اختلافهم في هذه المسألة: هو اختلاف الأحاديث الواردة في تقدير الكفارات الأخرى، وأخذ كل واحد منهم ما ثبت عنده منها، واطمأنت إليه نفسه (٢).

أدلة القول الأول: القائلين بأنها ٣٠ صاعا (٦٠ مدا) من البر لكل مسكين نصف صاع أي مدان، أو ٦٠ صاعا (١٢٠ مدا) من غير البر لكل مسكين صاع أي أربعة أمداد.

الدليل الأول: قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (٣).

وجه الاستدلال: أن المُدّ ليس من الأوسط، بل أوسط طعام الأهل يزيد على المُدّ في الغالب (٤).

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها -، أنها قالت: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: احترقت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لم؟ » قال: وطئت امرأتي في رمضان نهارا، قال: «تصدق، تصدق» قال: ما عندي شيء، فأمره أن يجلس، فجاءه عرقان فيهما طعام، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتصدق به (٥).

وجه الاستدلال: إذا كان العرق خمسة عشر صاعا، فالعرقان ثلاثون صاعا، على ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع (٦). وحملوا الطعام هنا على أنه البُرّ (٧).

الدليل الثالث: عن أَوْس بن الصامت (٨) - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «أعتق رقبة، فقال: ليس عندي، فقال: «صم شهرين متتابعين»، قال: لا أقدر، قال: «فأطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعا»، قال: لا أملك ذلك إلا أن تعينني, فأعانه النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمسة عشر صاعا, وأعانه


(١) مسائل أحمد وإسحاق ٩/ ٤٧٨٣، المغني ٣/ ١٤١، دقائق أولي النهى ١/ ٤٨٦، كشاف القناع ٢/ ٣٢٧، مطالب أولي النهى ٥/ ٥٢٩.
(٢) ينظر: العزيز في شرح الوجيز ١٢/ ٢٦٣.
(٣) سورة المائدة: آية: ٨٩.
(٤) ينظر: بدائع الصنائع ٥/ ١٠٢.
(٥) سبق تخريجه صفحة (٣٨٦).
(٦) ينظر: عمدة القاري ١١/ ٢٧.
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي ٧/ ١٦.
(٨) هو: أَوْس بن الصامت الأنصاري الخزرجي الصحابي، وهو أخو عبادة بن الصامت، شهد بدرا، وهو الذى ظاهر من امرأته، مات أيام عثمان، وله خمس وثمانون سنة. ينظر: معرفة الصحابة ١/ ٣٠٢, تهذيب الكمال ٣/ ٣٨٩, تهذيب التهذيب ١/ ٣٨٣.

<<  <   >  >>