للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس: حكم صيام الدهر.]

اختيار الشيخ: اختار كراهة صيام الدهر، فقال: "فالصواب أجراء الحديث على ظاهره والقول بكراهة صيام الدهر مطلقا أو منعه" (١).

تحرير محل الخلاف: اتفق الفقهاء أن من سرد الصوم ولم يفطر الأيام المنهي عنها، أو خاف على نفسه الضرر، أو تفويت حق -وإن أفطر الأيام المنهي عنها-، فإن الصوم لا يشرع في حقه (٢).

واختلفوا في من سرد الصوم، وأفطر الأيام المنهي عنها، ولم يخف ضررا، أو تفويت حق بصومه ذلك، على قولين:

القول الأول: يجوز له صوم الدهر -بلا كراهة- بالشروط المذكورة.

وبه قال: المالكية (٣) , والشافعية (٤) , والحنابلة في المذهب (٥).

القول الثاني: يكره له صوم الدهر، وإن أفطر الأيام المنهي عنها، وإن لم يخف على نفسه ضررا.

وبه قال: الحنفية (٦) , والحنابلة في رواية (٧) , والظاهرية (٨) , وهو اختيار الشيخ.

سبب الخلاف: يمكن إرجاع الخلاف في هذه المسألة -والله أعلم- إلى فهم الفقهاء للأحاديث الواردة في هذه المسألة: كاختلافهم في معنى سرد الصوم، واختلافهم في كون صيام داود - عليه السلام - أفضل الصوم في من كان حاله كحال عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أو هو


(١) مرعاة المفاتيح ٧/ ٥٨. يعني حديث أبي موسى الآتي صفحة (٤٤٥).
(٢) ينظر: تبيين الحقائق ١/ ٣٣٢, الكافي لابن عبد البر ١/ ٣٤٩, المجموع ٦/ ٣٨٨, الفروع ٥/ ٩٣.
(٣) الكافي ١/ ٣٤٩, المقدمات الممهدات ١/ ٢٤٣, الذخيرة ٢/ ٥٣٢, الفواكه الدواني ٢/ ٢٧٣. الجواز عند المالكية: ليس على بابه إذ صوم الدهر عندهم مستحب. ينظر: مواهب الجليل ٢/ ٤٤٣.
(٤) المهذب ١/ ٣٤٥, الوسيط ٢/ ٥٥٥, حلية العلماء ٣/ ١٧٦, العزيز ٣/ ٢٤٧. واختلفوا: هل يستحب أو يسن أو لا بأس به؟ . ينظر: المجموع ٦/ ٣٨٨.
(٥) مسائل أحمد وإسحاق ٣/ ١٢٥٣, الهداية ص ١٦٤, المغني ٣/ ١٧٢, الإنصاف ٣/ ٣٤٢.
(٦) تحفة الفقهاء ١/ ٣٤٤, مراقي الفلاح ١/ ٢٣٧, رد المحتار ٢/ ٣٧٦, تبيين الحقائق ١/ ٣٣٢.
(٧) الكافي ١/ ٤٥١, المغني ٣/ ١٧٢, الفروع ٥/ ٩٥, الإنصاف ٣/ ٣٤٢.
(٨) المحلى ٤/ ٤٣١. وقال ابن حزم بتحريم صيام الدهر، ووصف ابن حجر هذا القول بالشذوذ. ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٢٢.

<<  <   >  >>