للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عام، واختلافهم في معنى: «ضُيِّقت عليه جهنم» (١)، في حق من صام الدهر، وسيأتي بيان كل ذلك في الأدلة إن شاء الله.

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يجوز له صوم الدهر بلا كراهة بالشروط المذكورة.

الدليل الأول: النصوص التي حثت على الإكثار من الحسنات، كقوله سبحانه وتعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (٢). وقوله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (٣).

وجه الاستدلال: يُفهَم من هذه النصوص أن صيام الدهر أفضل لمن قوي عليه؛ تكثيرا للحسنات (٤).

الدليل الثاني: عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -، قال: أُخبِر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أني أقول: والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت، فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي قال: «فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر» (٥).

الدليل الثالث: عن أبي أيوب (٦) - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر كله» (٧).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رَغَّب في صيام هذه الأيام، وشَبَّهها بصيام الدهر، ولا شكّ أن المُشبَّه به أفضل من المُشبَّه, فكان صيام الدهر أفضل من صيام هذه الأيام المذكورة في الحديثين (٨).


(١) سيأتي تخريجه صفحة (٤٤٥).
(٢) سورة الأنعام: آية: ١٦٠.
(٣) سورة الزلزلة: آية: ٧.
(٤) ينظر: مواهب الجليل ٢/ ٤٤٣.
(٥) سبق تخريجه صفحة (١٤٣).
(٦) هو: خالد بن زيد بن كُلَيْب بن ثعلبة الخزرجي، أبو أيوب الأنصاري النجاري، شهد العقبة, وبدرا, وأحدا, والخندق, وسائر المشاهد، وكان شجاعا صابرا تقيا محبا للغزو والجهاد, روى عنه: البراء بن عازب, وجابر بن سمرة, وابن عباس, وغيرهم, توفي ودفن حين غزا يزيد القسطنطينية سنة ٥٢ هـ. ينظر: معرفة الصحابة ٢/ ٩٣٣، سير أعلام النبلاء ٢/ ٤٠٥، تهذيب التهذيب ٣/ ٩٠.
(٧) رواه مسلم ٢/ ٨٢٢ رقم ١١٦٤, في الصيام, باب استحباب صوم ستة أيام من شوال ...
(٨) ينظر فتح الباري ٤/ ٢٢٣، ونيل الأوطار ٤/ ٣٠٣.

<<  <   >  >>