للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: عن عائشة - رضي الله عنها -: أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال: «يا رسول الله إني أسرد الصوم» (١).

وفي رواية: أن حمزة بن عمرو الأسلمي، سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني رجل أسرد الصوم، أفأصوم في السفر؟ قال: «صم إن شئت، وأفطر إن شئت» (٢).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينهَ حمزة بن عمرو عن السرد؛ وذلك لأنه الأفضل في حقّه؛ لأنه ليس ممن يُدخِل فيه على نفسه مشقّة، أو يُفوِّت به حقا. فلو كان السرد ممتنعا لبَيَّنه له؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: «لا أفضل من ذلك» (٣) , أي: في حقك, فيَلتحِق به من في معناه، ممن يُدخِل فيه على نفسه مشقة، أو يُفوِّت به حقا (٤).

قال النووي: "فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عمرو بن العاص لعلمه بأنه يَضعُف عن ذلك، وأقر حمزة بن عمرو لعلمه بقُدرته على ذلك بلا ضرر" (٥).

الدليل الخامس: وعن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام الدهر ضُيِّقت عليه جهنم هكذا» وقَبَضَ كَفَّه (٦).

وجه الاستدلال: أن معنى الحديث: أي: ضُيِّقت عنه جهنم فلا يدخلها، ولم يكن له فيها موضع؛ لأن من ازداد لله عملا وطاعة، ازداد عند الله رِفعَة، وازداد عليه كرامةً، وإليه قربةً (٧).


(١) رواه البخاري: كتاب الصوم باب الصوم في السفر والإفطار رقم ١٨٤٠.
(٢) رواه مسلم: كتاب الصيام باب التخيير في الصوم والفطر في السفر رقم ١١٢١.
(٣) سبق تخريجه صفحة (١٤٣).
(٤) ينظر: شرح النووي على مسلم ٨/ ٤١، والتوضيح لابن الملقن ١٣/ ٤٦٥، وفتح الباري ٤/ ٢٢٢.
(٥) المجموع ٦/ ٣٩٠.
(٦) رواه أحمد ٣٢/ ٤٨٤ رقم ١٩٧١٣, وابن حبان ٨/ ٣٤٩ رقم ٣٥٨٤, ذكر الإخبار عن نفي جواز سرد المسلم صوم الدهر, وابن خزيمة ٢/ ١٠٣٠ رقم ٢١٥٣, في الصيام باب فضل صيام الدهر إذا أفطر الأيام التي زجر عن الصيام فيها. وقال في مجمع الزوائد ٣/ ١٩٣: "ورجاله رجال الصحيح", وصححه الألباني بطرقه المرفوعة والموقوفة في الصحيحة رقم ٣٢٠٢.
(٧) ينظر: صحيح ابن خزيمة ٣/ ٣١٣، معرفة السنن والآثار ٦/ ٣٧٢، إحياء علوم الدين ١/ ٢٣٨.

<<  <   >  >>