للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السادس: عن أبي مالك الأشعري (١) - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن في الجنة غرفة يُرى ظاهرُها من باطنها وباطنُها من ظاهرها, أعدها الله لمن ألان الكلام, وأَطعَمَ الطعام, وتابع الصيام, وصلى بالليل والناس نيام» (٢).

أدلة القول الثاني: يُكره له صوم الدهر، وإن أفطر الأيام المنهي عنها، وإن لم يخف على نفسه ضررا.

الدليل الأول: عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: أُخبِر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أقول: والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنت الذي قلت ذلك»؟ فقلت له: قد قلته، بأبي أنت وأمي. فقال: «فإنك لا تستطيع ذلك. فصم وأفطر، وقم ونم. وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها. وذلك مثل صيام الدهر». قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال: «فصم يوما وأفطر يومين». قلت: أطيق أفضل من ذلك. قال: «فصم يوما وأفطر يوما, فذلك مثل صيام داود, وهو أفضل الصيام». فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: «لا أفضل من ذلك» (٣).

وفي رواية: «لا صوم فوق صوم داود - عليه السلام - شطر الدهر، صم يوما، وأفطر يوما» (٤).

وجه الاستدلال: أن الحديث ظاهر بَيِّن في أن صيام داود - عليه السلام - هو أفضل الصيامات، ويقتضي أن الزيادة على ذلك من الصوم مفضولة (٥).


(١) هو: الحارث بن الحارث الأشعري الشامي، أبو مالك، وقيل غير ذلك, صحابي، روى عنه: عبد الرحمن بن غنم الأشعري, وأبو صالح الأشعري, وشهر بن حوشب, وغيرهم. ينظر: معرفة الصحابة ٦/ ٣٠٠٦, والاستيعاب ٤/ ١٧٤٥، تهذيب الكمال ٣٤/ ٢٤٥، وتهذيب التهذيب ١٢/ ٢١٨.
(٢) رواه أحمد ٣٧/ ٥٣٩ رقم ٢٢٩٠٥, وابن خزيمة ٢/ ١٠٢٤ رقم ٢١٣٧, في الصيام, باب ذكر ما أعد الله جل وعلا في الجنة من الغرف لمداوم صيام التطوع إن صح الخبر, وقال في مجمع الزوائد ٢/ ٢٥٤: "ورجاله ثقات", وحسنه الألباني في صحيح الجامع ١/ ٤٢٦ رقم ٢١٢٣.
(٣) سبق تخريجه صفحة (١٤٣).
(٤) رواه البخاري ٣/ ٤١، رقم ١٨٧٩، كتاب الصوم, باب صوم داود عليه السلام، ومسلم ٢/ ٨١٢، رقم ١١٥٩، كتاب الصيام, باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ...
(٥) ينظر: إحكام الأحكام ٢/ ٣١، نيل الأوطار ٤/ ٣٠٢.

<<  <   >  >>