للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس حتى بلغ, فقال: والله ما أحد أفقر إليه مني ومن أهل بيتي، فقال: «خذها أنت وأهل بيتك» (١).

الدليل الرابع: عن سلَمة بن صخْر البَيَاضي (٢) - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «فأطعم وَسَقا (٣) من تمر بين ستين مسكينا» قال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين (٤) ما أملك لنا طعاما، قال: «فانطلق إلى صاحب صدقة بني زُرَيْق (٥) فليدفعها إليك، فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر، وكل أنت وعيالك بقيتها» (٦).

وجه الاستدلال: من هذين الحديثين الثالث والرابع أخذ الحنفية مذهبهم المتقدم؛ لأن الإطعام في كفارة اليمين مقدر بالإطعام في غيره من الكفارات الأخرى، وقد ثبت في حديث أوس ¢ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بأن يطعم الستين مسكينا ثلاثين صاعا، وثبت عندهم أن الطعام كان من البُرّ، فاقتضى ذلك أن كل مسكين له نصف صاع، وذلك مقدر بمُدَيْن. وثبت في حديث سلمة ¢ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بأن يطعم ستين مسكينا وسقا من التمر والوسق مقداره: ستون صاعا، فيكون للمسكين الواحد صاع أعني أربعة أمداد، وبذلك تم


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٦٤٤ رقم ١٥٢٨٨, كتاب الظهار باب لا يجزي أن يطعم أقل من ستين مسكينا كل مسكين مدا من طعام بلده, والطبراني في المعجم الكبير ٢٤/ ٢٤٧ رقم ٦٣٤, واللفظ له.
(٢) هو: سَلَمة بن صخْر بن سلمان بن الصمة الأنصاري الخزرجي المدني، يقال له البَيَاضِيُّ, حديثه عند: ابن المسيب, وأبي سلمة, وسليمان بن يسار. ينظر: معرفة الصحابة ٣/ ١٣٤٦, معجم الصحابة ٣/ ١١٨, تهذيب التهذيب ٤/ ١٤٧.
(٣) الوَسَق: من المكاييل، وهو ستون صاعا، كل صاع أربعة أمداد. ينظر: النهاية ٥/ ١٨٥، تاج العروس ٢٦/ ٤٧١.
(٤) بتنا وَحْشَيْنِ أي: بتنا مُقْفِرين لا طعام لنا، من أوحش إذا جاع. ينظر: النهاية ٥/ ٣٤٧, غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ٤٥٦.
(٥) بنو زُرَيْق: قبيلة من الأنصار، كانت قريتهم تقع قبلي المصلّى في المدينة النبوية. ينظر: معجم البلدان ٣/ ١٤٠، المعالم الأثيرة ص ١٣٤.
(٦) أخرجه أبو داود ٢/ ٢٦٥ رقم ٢٢١٣, كتاب الطلاق باب في الظهار, والترمذي ٣/ ٤٩٥ رقم ١٢٠٠, أبواب الطلاق واللعان باب ما جاء في كفارة الظهار, وقال: "هذا حديث حسن", وقال الألباني في الإرواء ٧/ ١٧٩: "الحديث بطرقه وشاهده صحيح".

<<  <   >  >>