للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: في الحديث حجة لما عليه الجمهور، وأجمع عليه بعد ذلك أئمة الفتوى من اشتراط صيام الشهرين متتابعين (١).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يجوز أن تكون متفرقة.

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، «أن رجلا وقع بامرأته في رمضان فاستفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»، فقال: «هل تجد رقبة»؟ قال: لا. قال: «هل تستطيع صيام شهرين»؟ قال: لا. قال: «فأطعم ستين مسكينا» (٢).

وجه الاستدلال: أن الحديث جاء مطلقا، ولم ينص على اشتراط التتابع، فدل على أنه غير لازم.

الدليل الثاني: قياسا على قضاء رمضان: فكما أن قضاء رمضان لا يشترط فيه التتابع، فكذا صيام كفارة الجماع لا يشترط فيها التتابع (٣).

الراجح: الذي يترجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو قول الجمهور أصحاب القول الأول: المشترطين التتابع لورود ذلك صريحا في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - حيث جاء مقيدا بالتتابع، ولأن الإجماع استقر عليه.

قال النووي -بعد قوله: «هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين» -: "فيه حجة لمذهبنا ومذهب الجمهور، وأُجمِع عليه في الأعصار المتأخرة, وهو: اشتراط التتابع في صيام هذين الشهرين" (٤).

وأما استدلال أصحاب القول الثاني بالإطلاق الذي في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الرواية الأخرى حيث ذكر الشهرين ولم يذكر التتابع، فيجاب عنه:

أن أغلب الروايات جاءت مقيدة بالتتابع، فيحمل المطلق عليه (٥). والله أعلم.


(١) ينظر: الاستذكار ٣/ ٣١٢، شرح مسلم للنووي ٧/ ٢٢٨، عمدة القاري ١١/ ٣١.
(٢) أخرجه البخاري ٨/ ١٦٦ رقم ٦٨٢١، كتاب الحدود, باب: من أصاب ذنبا دون الحد، فأخبر الإمام ... واللفظ له، ومسلم ٢/ ٧٨٢ رقم ١١١١، كتاب الصيام, باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم ...
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي ٣/ ٧٢.
(٤) شرح مسلم للنووي ٧/ ٢٢٨، وينظر: إكمال المعلم ٤/ ٥٤.
(٥) ينظر: المجموع ٦/ ٣٤٥.

<<  <   >  >>