للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي أخشاه أن الكرماني قد فَهم هذا من شرح الإمام النووي على مسلم، فظن أن هناك رواية عند الترمذي، ونص الإمام النووي في شرحه على مسلم: "وهذا متفق على استحبابه، وهو استحباب كون الثلاثة هي أيام البيض (١) , وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؛ وقد جاء فيها حديث في كتاب الترمذي وغيره. وقيل هي: الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر" (٢).

فإن كان ما ذكر هنا صحيحا من كون الكرماني فهِم كلام الإمام النووي على غير مراده، فيكون القسطلاني قد تبنى كلام الكرماني دون تمحيص.

فقد قال: "والاحتياط صوم الثاني عشر مع أيام البيض لأن في الترمذي أنها الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر" (٣). والله أعلم بالصواب.

الراجح: والذي يترجح في هذه المسألة -إن شاء الله- هو القول الأول: أن أيام البيض هي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؛ وذلك لصحة أدلتهم ولصراحتها؛ ولعدم وجود دليل يستدل به أصحاب القول الثاني كما مر معنا.

وقد قال الإمام النووي -عند ذكر هذا القول-: "وفيه وجه لبعض أصحابنا ... أنها: الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر, وهذا شاذ ضعيف؛ يَردُّه الحديثُ السابق (٤) في تفسيرها, وقَولُ أهل اللغة أيضا وغيرهم" (٥).

والله أعلم.


(١) وفيما حكاه النووي: من الاتفاق على استحباب صيام أيام البيض نظر؛ لما ذكر عن الإمام مالك من كراهة تعيين صومها، كما مر في المسألة السابقة ص ٤٧١، وينظر: عمدة القاري ١١/ ٩٧.
(٢) شرح مسلم ٨/ ٤٩.
(٣) إرشاد الساري ٣/ ٤١٠.
(٤) أي حديث أبي ذر - رضي الله عنه - ص (٤٧٩) وما في معناه.
(٥) المجموع ٦/ ٣٨٥.

<<  <   >  >>