للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يجوز للمعتكف أن يشترط.

الدليل الأول: عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ضُباعَة بنت الزبير (١)، فقال لها: «لعلك أردت الحج؟ » قالت: والله لا أَجدُني إلا وَجِعة، فقال لها: «حُجّي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني» (٢).

وجه الاستدلال: إذا جاز الاشتراط في الحج وهو الفرض الواجب، والاحرام به يلزم بالشروع، فمن باب أولى أن يجوز الاشتراط في الاعتكاف.

قال ابن تيمية: "فإذا كان الإحرام الذي هو ألزم العبادات بالشروع يجوز مخالفة موجبه بالشرط؛ فالاعتكاف أولى" (٣).

الدليل الثاني: عن إبراهيم النخعي، قال: «كانوا يحبون للمعتكف أن يشرط هذه الخصال وهي له: -وإن لم يشرط- عيادة المريض، وأن يتبع الجنازة، وأن يشهد الجمعة، -فلا يحبون الخروج لها» (٤).

الدليل الثالث: ولأن الاعتكاف لا يختص بقدر معين, فإذا شرط الخروج؛ فكأنه التزم اعتكاف القدر الذي أقامه دون الذي استثناه بالشرط (٥).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا يجوز للمعتكف أن يشترط.


(١) هي: ضُباعَة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، بنت عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من المهاجرات. كانت تحت المقداد بن الأسود لها أحاديث يسيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. بقيت إلى بعد عام أربعين هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٣/ ٥١٣، أسد الغابة ٦/ ١٧٨.
(٢) رواه البخاري ٧/ ٧ رقم ٥٠٨٩, كتاب النكاح باب الأكفاء في الدين, ومسلم ٢/ ٨٦٧ رقم ١٢٠٧, كتاب الحج باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه.
(٣) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ٢/ ٨٠٩.
(٤) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣٣٥ رقم ٩٦٣٥ في الصيام, باب ما قالوا في المعتكف ما له إذا اعتكف مما يفعله. والأثر فيه تقديم وتأخير. والمعنى: كانوا يحبون للمعتكف أن يشرط هذه الخصال وهي له: عيادة المريض، وأن يتبع الجنازة، وأن يشهد الجمعة. وإن لم يشرط فلا يحبون الخروج لها.
(٥) ينظر: المغني ٣/ ١٩٥، الشرح الكبير ٣/ ١٣٩, شرح العمدة كتاب الصيام ٢/ ٨١١.

<<  <   >  >>