للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن الله سبحانه وتعالى قد أذن في الأكل والشرب إلى طلوع الفجر، ولو كان ذلك يمنع صحة النية لم يجز الأكل والشرب إلى طلوع الفجر (١)، بل كان قد ترك وقتا قبل الفجر لإيقاع النية فيه. وإنما الواجب عليه أن يستصحب نية الصيام إلى الفجر وإن لا ينقضها بنية ترك الصوم (٢).

الدليل الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل» (٣).

وجه الاستدلال: أن الخبر عام، فلا يجوز تخصيصه إلا بدليل، والذي ينوي من الليل ثم ينام أو يأكل أو يشرب أو يجامع يَصْدُق عليه أنه قد بَيَّت الصيام من الليل (٤).

الدليل الثالث: "ولأنه مفطر في الليل، وإن لم يأكل، فتَرْكه الأكل والجماع مع كونه مُفطِرا غير مفيد" (٥).

أدلة القول الثاني: القائلين من نوى الصيام من الليل، ثم نام أو جامع أو أكل أو شرب فعليه تجديد النية.

قالوا: "لأنه بالأكل والجماع قد خالف نيته، وما عقده من الصوم على نفسه" (٦).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن من نوى الصوم قبل الفجر، ثم أكل أو شرب أو جامع، فهو على نيته؛ لصحة أدلتهم، ولصراحتها.

وأما ما استدل به أبو إسحاق المروزي، فيجاب عنه من ثلاثة أوجه:

الأول: أنه خالف النص وهو عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل»، ومن أكل أو شرب أو جامع بعد النية، يصدق عليه أنه بيت النية من الليل (٧).


(١) ينظر: البيان ٣/ ٤٩٠.
(٢) ينظر: المنتقى للباجي ٢/ ٤١.
(٣) سبق تخريجه صفحة (١٥١).
(٤) ينظر الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٤.
(٥) المصدر السابق.
(٦) الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٤.
(٧) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٤.

<<  <   >  >>