للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل العاشر: ولأن رطوبة الماء أشد، ولا قائل بأن رطوبة الماء تكره للصائم (١).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يكره للصائم الاستياك بالعود الرطب.

الدليل الأول: عن زياد بن حُدَيْر (٢) قال: «ما رأيت أحدا أَدْأَبَ (٣) سواكا وهو صائم من عمر» , أراه قال: بعود قد ذَوِيَ (٤) (٥).

الدليل الثاني: عن عمرو بن شرحبيل قال: «لا تَسَوَّك بسِواك رطب، وأنت صائم، فإنه يدخل في حلقك من طعمه» (٦).

الدليل الثالث: ولأنه إذا كان له طعم كان مُخاطرا بصومه، ولم يؤمن أن يَنزِل إلى حلقه منه شيء فيَفسُد صومه؛ فكان مكروها له؛ كذَوْق القِدْر (٧).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: جواز الاستياك بالعود الرطب؛ إذ لا دليل على المنع، والقول بمنعه تخصيص للأحاديث بلا مخصص، وتقييد بلا قيد، لكن يجب التنبيه أنه لا يجوز بلع الريق إذا كان العود له طعم، والله أعلم.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني؛ فلا ينتهض لتخصيص الأحاديث القاضية باستحباب السواك على العموم، إذ الكراهة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل من الكتاب أو السنة، ولم يقم دليل على كراهة السواك الرطب، والله أعلم.


(١) ينظر: إرشاد الساري ٣/ ٣٧٤.
(٢) هو: زياد بن حُدَيْرٍ أبو المغيرة, وقيل: أبو عبد الرحمن الكوفي, التابعي الثقة العابد, سمع: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود, روى عنه: عامر الشعبي وغيره. ينظر: الطبقات الكبرى ٦/ ١٣٠, تاريخ الإسلام ٢/ ٨١٣, تهذيب التهذيب ٣/ ٣٦١.
(٣) الدَّأْب: العادة والشأن، وهو من دأبت أدأب دأْبا: إذا اجتهدت في الشيء. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٢/ ٩٥، تاج العروس ٢/ ٣٩٠.
(٤) ذَوِيَ: أي يَبِس, يقال ذَوَى العود يَذْوِي ويَذْوَى. ينظر النهاية في غريب الحديث ٢/ ١٧٢, غريب الحديث للقاسم بن سلام ٣/ ٣٦٥.
(٥) رواه البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٤٥٣ رقم ٨٣٢٩, في الصيام, باب السواك للصائم، وعبد الرزاق في المصنف ٤/ ٢٠٠ رقم ٧٤٨٥, في الصيام, باب السواك للصائم.
(٦) رواه عبد الرزاق في المصنف ٤/ ٢٠٢ رقم ٧٤٩٣, في الصيام, باب السواك للصائم.
(٧) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٤٢، النوادر والزيادات ٢/ ٤٦، والمغني ٣/ ١٢٦.

<<  <   >  >>