للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من وجهين:

الأول: إن مواصلته - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه بعد نهيهم عن الوصال ليس إقرارا منه لهم على جوازه بل هو تقريع وتنكيل منه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما فعل ذلك صلوات ربي وسلامه عليه لأجل مصلحة النهي في تأكيد زجرهم؛ لأنهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهي، وكان ذلك أدعى إلى قلوبهم لما يترتب عليهم من الملل في العبادة والتقصير فيما هو أهم منه وأرجح من وظائف الصلاة والقراءة وغير ذلك، والجوع الشديد ينافي ذلك (١).

الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - «وأيكم مثلي» استفهام بمعنى التوبيخ، المشعر بالاستبعاد، أي: وأيكم بلغ ما بلغتُه من منزلتي عند ربي فأبيت عنده يطعمني ويسقيني, فيكون الوصال من خصوصياته (٢).

الدليل الرابع: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال» , قالوا: إنك تواصل، قال: «إني لست مثلكم إني أُطعَم وأُسقى» (٣).

الدليل الخامس: عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل، قال: «إني لست كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقيني» (٤).

وجه الاستدلال من وجهين:

الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صرح في هذين الحديثين بأن الوصال يختص به وذلك في قوله: «إني لست مثلكم»، وقوله: «لست كهيئتكم»، هذا مع ما انضم إلى ذلك من استحباب تعجيل الفطر كما دلت عليه الأحاديث الصحاح (٥).

الثاني: قوله: «رحمة لهم» لا يمنع التحريم؛ فإن من رحمته لهم أن حرمه عليهم، وسبب تحريمه: الشفقة عليهم؛ لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم (٦).


(١) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٠٥، وعمدة القاري ١١/ ٧٢.
(٢) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٠٣.
(٣) رواه البخاري ٣/ ٣٧ رقم ١٩٦٢, كتاب الصوم, باب الوصال ومن قال: "ليس في الليل صيام".
(٤) سبق تخريجه صفحة (٣٠٨).
(٥) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٠٥، وعمدة القاري ١١/ ٧٤.
(٦) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٠٥، عمدة القاري ١١/ ٧٢.

<<  <   >  >>