للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من الآية: أن المطلوب من المكلف صيام يوم تام لا يقع فيه خَرْم، وهذا لم يأت به على التمام فهو باق عليه (١)؛ لأن الصوم قد فات ركنه, وهو من باب المأمورات, والقاعدة تقتضي: أن النسيان لا يؤثر في طلب المأمورات (٢) (٣).

الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب, فليتم صومه، فإنما الله أطعمه وسقاه» (٤).

وجه الاستدلال من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أن الحديث محمول على رفع الإثم والحرج عنه، فأما القضاء فلابد منه؛ لأن صورة الصوم قد عدمت، وحقيقته بالأكل قد ذهبت، والشيء لا بقاء له مع ذهاب حقيقته؛ (كالحَدَث) (٥) يُبطِل الطهارة سهوًا جاء أو عمدا. وهذا الأصل العظيم لا يَرُدُّه ظاهر محتمل للتأويل (٦).

الوجه الثاني: لعل الحديث كان في صوم التطوع وذلك لخفة التطوع؛ وذلك لأن هذا الحديث لم يُعَيِّن أن الصوم كان في شهر رمضان (٧).

الوجه الثالث: أن المراد بهذا الحديث الإمساك تَشَبُّها، كالحائض إذا طهرت وغيرها ممن وُجِد منه ما ينافي الصوم (٨).

الدليل الثالث: ولأن كل فعل لا يصح الصوم مع شيء من جنسه عمدا على وجه، فلا يصح مع سهوه؛ أصله ترك النية (٩).


(١) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٣٢٣، والإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٣١.
(٢) تنظر القاعدة في: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة ١/ ٦٤٦.
(٣) ينظر: إحكام الأحكام ٢/ ١١.
(٤) سبق تخريجه صفحة (٣٢٠).
(٥) الحَدَث في اللُّغَة: كَوْنُ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ. وفِي الْفِقه: مَا يَنْقُضُ الطهارة. ينظر: النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب ١/ ٩.
(٦) ينظر: القبس لابن العربي ١/ ٥٢٠، والمعلم ٢/ ٦٣، تفسير القرطبي ٢/ ٣٢٣.
(٧) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٣٢٣, وشرح الزرقاني على الموطأ ٢/ ٢٧، وفتح الباري ٤/ ١٥٧.
(٨) ينظر: شرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب ١/ ٢٨٠.
(٩) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٣٦، المنتقى ٢/ ٦٥.

<<  <   >  >>