للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «الفطر مما دخل وليس مما يخرج» (١).

الدليل الرابع: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ قال: «إذا قاء؛ فلا يفطر, إنما يخرج ولا يولج» (٢).

وجه الاستدلال: جاء في هذه الأحاديث أن الصوم لا يُنقَض إلا بشيء يدخل، ولا يُنقَض بشيء يخرج، والإستقاءة مما يخرج فلا تكون ناقضة للصيام (٣).

الدليل الخامس: ولأنه لو وجب القضاء لوجبت الكفارة (٤).

أدلة القول الثالث: القائلين بأنه يبطل صومه وعليه القضاء والكفارة.

استدلوا بقياس تعمد الفطر بالقيء على تعمد الفطر بالجماع: فكما أن تعمد الجماع في رمضان يوجب الكفارة, فكذا الفطر بالاستقاءة يوجب ذلك (٥)، بجامع أن كلّا منهما مُتعمِدٌ للفطر في يوم رمضان (٦).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن من استقاء عمدا أفطر ووجب عليه القضاء؛ وذلك لصحة ما استدلوا به، ولأن حديث أبي هريرة نص في محل النزاع، ولضعف أدلة الآخرين، وبيانه كما يلي:

أولا: أما استدلال أصحاب القول الثاني بحديث: «ثلاث لا يفطرن الصائم»، فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن الحديث المرفوع ضعيف لا تقوم به الحجة (٧).

الوجه الثاني: وعلى التسليم بصحته فيكون المقصود من القيء هنا من ذرعه القيء؛ بدليل اقترانه في نص الحديث مع الاحتلام؛ فكما أن من لم يتعمد إخراج المني -وهو المحتلم- لا


(١) سبق تخريجه صفحة (٣٠٢).
(٢) رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم في كتاب الصوم ٣/ ٣٣, باب الحجامة والقيء للصائم.
(٣) ينظر: عمدة القاري ١١/ ٣٥.
(٤) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٧٤.
(٥) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٦٩، والتوضيح لابن الملقن ١٣/ ٢٨٠.
(٦) ينظر: المنتقى للباجي ٢/ ٦٤.
(٧) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٤٠٢، المغني ٣/ ١٣٢.

<<  <   >  >>