للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: عن أبي بكر بن عبد الرحمن (١) عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعَرْج (٢) يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر» (٣).

وجه الاستدلال: في الحديث دليل على أنه يجوز للصائم أن يكسر الحر بصب الماء على بعض بدنه أو كله؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - (٤).

وهو أصل في استعمال ما يتقوى به الصائم على صومه، مما لا يقع به الفطر من التبرد بالماء والمضمضة به، والتلفف بالثوب المبلول؛ لأن ذلك يعينه على الصوم ولا يقع به الفطر (٥).

الدليل الثاني: قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «إن لي أَبْزَنا أَتَقَحَّمُ (٦) فيه وأنا صائم» (٧).

وجه الاستدلال: أن أنس - رضي الله عنه - كان لا يرى حرجا في الانغماس في الماء إذا شعر بالحر وهو صائم للتبرد وقد صرح هو نفسه بذلك (٨).


(١) هو: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي، أبو عبد الرحمن المدني, أحد الفقهاء السبعة، وكان مكفوفا, روى عن: أبيه، وأبي هريرة، وعائشة, وعنه: بنوه، ومولاه سميّ، ومجاهد، والزهري، والشعبي، وطائفة, توفي سنة ٩٤ هـ. ينظر: الطبقات الكبرى ٥/ ٢٠٧, سير أعلام النبلاء ٤/ ٤١٦, تهذيب الكمال ٣٣/ ١١٢.
(٢) العَرْج: وهو بفتح العين وسكون الراء: قريةٌ جامعةٌ من عمل الفرع، على أيام من المدينة. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٣/ ٢٠٤، ومعجم البلدان ٤/ ٩٨.
(٣) رواه مالك في الموطأ ٣/ ٤٢٠, باب ما جاء في الصيام في السفر, وأبو داود ٢/ ٣٠٧ رقم ٢٣٦٥, كتاب الصوم, باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، وأحمد ٢٥/ ٢٤١ رقم ١٥٩٠٣, وقال محققه: "إسناده صحيح على شرط مسلم", وصححه الألباني في صحيح أبي داود ٢/ ٦١.
(٤) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٤٩.
(٥) ينظر: المنتقى ٢/ ٤٩, المسالك لابن العربي ٤/ ٣٦٩.
(٦) الأَبْزَن: حجر منقور شبه الحوض, وقيل من صفر, وهي كلمة فارسية ولذلك لم يصرفه. أَتَقَحَّمُ: أي ألقي نفسي. ينظر: تاج العروس ٣٤/ ٢٥٢, تهذيب اللغة ١٣/ ١٥٥, لسان العرب ١٣/ ٥١.
(٧) أخرجه البخاري معلقا مجزوما به ٣/ ٣٠, باب اغتسال الصائم, وقال الحافظ في الفتح ٤/ ١٥٤: "هذا الأثر وصله قاسم بن ثابت في (غريب الحديث) له من طريق عيسى بن طهمان".
(٨) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٥٤.

<<  <   >  >>