للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: عن عائشة - رضي الله عنها - أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم» (١).

وجه الاستدلال: أن هذه الأحاديث دليل على أن من أصبح جنبا فصومه صحيح ولا قضاء عليه، من غير فرق أن تكون الجنابة عن جِماع أو غيره (٢).

الدليل الخامس: ولأن الغسل شيء وجب بالإنزال، وليس في فِعله شيء يَحْرُم على الصائم، فإن الصائم قد يحتلم بالنهار فيجب عليه الغسل ولا يَفسُد صومه، بل يُتمّه إجماعا؛ فكذلك إذا احتلم ليلا، بل هو من باب أولى. وإنما يُمنَع الصائم من تَعمُّد الجِماع نهارا (٣).

الدليل السادس: ولأن حَدثَه إذا انقطع لم يبق أكثر من وجوب الطهارة، وذلك لا يمنع الصوم كالمُحْدِث (٤).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن صيامه غير صحيح وعليه القضاء.

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدركه الفجر جُنُبا فلا يصم» (٥).

الدليل الثاني: وعنه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نودي للصلاة، صلاة الصبح، وأحدكم جُنُب فلا يصم يومئذ» (٦).

وجه الاستدلال: في الحديث نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - مَن أجنب ليلا واستمر جنبا -فلم يغتسل حتى طلع الفجر- عن الصوم، وظاهره يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون ذلك باختياره كالجِماع أو بغير اختياره كالاحتلام (٧).


(١) رواه مسلم ٢/ ٧٨١ رقم ١١١٠, في الصيام باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب.
(٢) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٥٢.
(٣) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٤٨، ونيل الأوطار ٤/ ٢٥٣، ومرعاة المفاتيح ٦/ ٤٨٧.
(٤) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٦٧.
(٥) رواه مسلم ٢/ ٧٧٩ رقم ١١٠٩, في الصيام باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب.
(٦) رواه البخاري تعليقا ٣/ ٢٩ رقم ١٩٢٦, في الصوم باب الصائم يصبح جنبا, ووصله أحمد ١٣/ ٤٩٠ رقم ٨١٤٥, وقال شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(٧) ينظر: طرح التثريب ٤/ ١٢٣.

<<  <   >  >>