للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم: اختلافهم في الحائض إذا ارتفع الدم عنها، ورأت علامة الطهر، هل حكمها حكم الحائض في العبادات والعادات حتى تغتسل بالماء، أو حكمها حكم الطاهر في الجميع، وإن لم تغتسل؟ (١).

أدلة القول الأول: القائلين بأن صيامها صحيح.

الدليل الأول: لأنها محدِثة زال حَدَثُها قبل الفجر، ولم يبق عليها سوى فعل التطهير؛ فوجب أن يصح صومها كالجُنُب والمُحْدِث (٢).

الدليل الثاني: ولأن الطُهْرَ من الحيض هو: رؤية المرأة للنَقاء، ولا يُشترط غُسْلها بالماء، فمن طلع عليها الفجر طاهرا، لزمها صوم ذلك اليوم؛ لأن الصوم ليس من شرطه الاغتسال (٣).

الدليل الثالث: ولأن حَدَثها هذا زال موجِبه قبل الفجر، فلا يمنع بقاء حكمه صحة الصوم، كحَدَث الجنابة (٤).

الدليل الرابع: ولأنها أهلٌ لأداء الصوم من أول النهار، فجاز صومها (٥).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن صيامها غير صحيح وعليها قضاء ذلك اليوم.

الدليل الأول: لأنها في بعض اليوم غير طاهرة، وليست كالتي تصبح جُنُبا فتصوم؛ لأن الاحتلام إذا وقع في النهار لا ينقض الصيام، والحيض ينقضه (٦).

الدليل الثاني: وقياسا على الحائض إذا طهرت -ولم تُفِرِّط في غُسْلِها- فإننا نسقِط عنها الصلاة، إذا لم تُدْرِك بعد غُسْلها مقدار ركعة في الوقت، فكذا من طهرت ولم تغتسل إلا بعد الفجر أسقطنا عنها الصيام (٧).

الترجيح: الذي يترجح -إن شاء الله- هو القول الأول: أن من طهرت قبل الفجر وأخرت اغتسالها إلى ما بعد الفجر فصيامها صحيح؛ لأنها أهل لأداء الصوم من أول النهار، فجاز


(١) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ١٠٩.
(٢) ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٣٠، وشرح الرسالة له ١/ ٢٤٤.
(٣) ينظر: الاستذكار ٣/ ٢٩١، وينظر: المغني ٣/ ١٤٨.
(٤) ينظر: المنتقى للباجي ٢/ ٤٣، المسالك شرح الموطأ ٤/ ١٧٧.
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي ٢/ ١٤٢.
(٦) ينظر: الاستذكار ٣/ ٢٩٠ - ٢٩١, وشرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب ١/ ٢٤٥.
(٧) ينظر: الاستذكار ٣/ ٢٩١.

<<  <   >  >>