للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الثاني: إجزاء المد من جميع الأنواع؛ وذلك لصحة ما استدلوا به, ولأن حديث المجامع في رمضان والذي فيه إجزاء خمسة عشر صاعا عن الكفارة كالنص في المسألة (١).

وأما الجواب عما أستدل به أصحاب القولين الآخرين فيكون بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بالآية؛ فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أنهم اختلفوا في معنى الأوسط على قولين:

القول الأول: من أوسط أجناس الطعام , والقول الثاني: من أوسطه في القدر (٢).

الوجه الثاني: وعلى التسليم بأن الأوسط في القدر، فقد اختلفوا أيضا في مقداره على أقوال وليس أحدها بأولى من الآخر إلا بما يوضحه دليل آخر (٣).

ثانيا: وأما الجواب عن حديث عائشة - رضي الله عنها - فمن وجوه:

الوجه الأول: أن رواية عَرَق واحد أشهر من رواية العَرَقين فترجح عليها (٤).

الوجه الثاني: الجمع بين الروايتين، فيقال: إن التمر كان قدر عرق، لكنه كان في عرقين في حال التحميل على الدابة ليكون أسهل في الحمل، وأن الآتي به لما وصل أفرغ أحدهما في الآخر. فمن قال عرقان أراد ابتداء الحال، ومن قال عرق أراد ما آل إليه (٥).

الوجه الثالث: أن الحنفية لا يستقيم لهم الاستدلال بهذا الحديث حتى مع رواية العرقين؛ لأنهم لا يرون إجزاء أقل من ستين صاع في التمر، والرواية هنا تقول: عرقين وهما مقدار ثلاثين صاعا إذا كانا ممتلئين.

ولا يصح أن يقولوا: إن ما في العرقين كان بُرّا؛ لأن أكثر الروايات نصت على أنه تمر، وما جاء في بعضها مطلقا بلفظ الطعام، فقد جاء مقيدا في الروايات الكثيرة بأنه التمر.


(١) ينظر: إكمال المعلم ٤/ ٥٥.
(٢) ينظر: تفسير الماوردي النكت والعيون ٢/ ٦١، وزاد المسير ١/ ٥٨٠.
(٣) ينظر: تفسير الماوردي النكت والعيون ٢/ ٦١، وتفسير البغوي ٣/ ٩١.
(٤) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٦٩.
(٥) المصدر السابق.

<<  <   >  >>