للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: عن عُقْبَة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» (١).

وجه الاستدلال من هذه الأحاديث: قد ثبت بهذه الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النهي عن صيام أيام التشريق، وكان نهيه عن ذلك بمنى والحجاج مقيمون بها وفيهم المتمتعون وغيرهم، ولم يستثن منهم متمتعا ولا غير متمتع، فدخل المتمتعون وغيرهم في ذلك النهي (٢).

قال الخطابي -عند إيراده حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: "وهذا كالتعليل في وجوب الإفطار فيها، وأنها مستحقة لهذا المعنى، فلا يجوز صيامها ابتداء تطوعا ولا نذرا، ولا عن صوم التمتع إذا لم يكن المتمتع صام الثلاثة الأيام في العشر" (٣).

وقال أيضا -عند حديث نبيشة الهذلي - رضي الله عنه -: "فيه دليل على أن صوم أيام التشريق غير جائز؛ لأنه قد وَسَمَها بالأكل والشرب كما وَسَمَ يوم العيد بالفطر، ثم لم يجز صيامه؛ فكذلك أيام التشريق. وسواء كان تطوعا من الصائم، أو نذرا، أو صامها الحاج عن التمتع" (٤).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يجوز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لم يجد الهدي ولم يصم قبل يوم العيد.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (٥).

وجه الاستدلال من الآية من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: لأن ابن عمر - رضي الله عنهما - فسرها بذلك فقال - رضي الله عنه -: «يومٌ قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، وإذا فاته صامها أيام مِنى» (٦).


(١) سبق تخريجه صفحة (٤٢٦).
(٢) ينظر: شرح معاني الآثار ٢/ ٢٤٦، عمدة القاري ١٠/ ٣٣، التمهيد ٢٣/ ٧٢.
(٣) معالم السنن ٢/ ١٢٨.
(٤) المصدر السابق ٢/ ٢٣٣.
(٥) سورة البقرة: الآية: ١٩٦.
(٦) رواه ابن جرير الطبري في التفسير ٣/ ٩٥ , وعبد الرزاق في التفسير ١/ ٣١٩، وابن أبي شيبة في المصنف ٣/ ٣٨٥ رقم ١٥١٥٩، كتاب الحج, في قوله تعالى: {فصيام ثلاثة أيام في الحج} [البقرة: ١٩٦] , وابن أبي عروبة في المناسك ص ١١١.

<<  <   >  >>