للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: فهذا الحديث نص على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من أفطر متعمدا في رمضان بالقضاء, فيدخل تحته من أفطر بأكل أو شرب أو غير ذلك, والدليل على أنه متعمد قوله: «واستغفر الله»؛ إذ غير المتعمد غير مؤاخذ.

الدليل الخامس: حديث ابن عباس - رضي الله عنه -، والذي ذكر فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اقضوا الله الذي له, فإن الله أحق بالوفاء» (١).

وجه الاستدلال: أن الحديث جاء عاما في وجوب قضاء حقوق الله, والصيام من أعظم تلك الحقوق لتعلقه بركن من أركان الإسلام.

الدليل السادس: ولأن القضاء إنما وجب جبرا لما فات من صيام، والفوات يحصل بمطلق الإفساد، سواء كان بجماع أو بأكل أو بشرب، فتقع الحاجة إلى الجبر بالقضاء؛ ليقوم مقام الفائت فينجبر الفوات (٢).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا يقضيه ولا يمكنه قضاؤه.

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أفطر يوما من رمضان من غير رُخصَة، ولا مرض؛ لم يقضه صوم الدهر كله، وإن صامه» (٣).

وجه الاستدلال: دل الحديث على أن من انتهك حرمة رمضان بالفطر، لم يَقدِر على قضاء ذلك اليوم الذي أفسده. وعليه فلا يشرع له القضاء؛ لأن إيجاب صيام غيره بدلا عنه إيجاب شرع لم يأذن الله تعالى به، فهو باطل (٤).


(١) رواه البخاري ٩/ ١٠٢ رقم ٧٣١٥, كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة, باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين، قد بين الله حكمهما، ليفهم السائل.
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٩٧.
(٣) رواه أبو داود ٢/ ٣١٤ رقم ٢٣٩٦, في الصوم, باب التغليظ في من أفطر عمدا, والترمذي ٣/ ٩٢ رقم ٧٢٣, في الصيام, باب ما جاء في الإفطار متعمدا, وقال: "حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه", واللفظ له، والنسائي في الكبرى ٣/ ٣٥٧ رقم ٣٢٦٥, في الصيام, باب: إثم من أفطر قبل تحلة الفطر، وابن ماجه ١/ ٥٣٥ رقم ١٦٧٢, في الصيام, باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب ١/ ٣٠٨ رقم ٦٠٥.
(٤) ينظر: المحلى ٤/ ٣٠٨.

<<  <   >  >>