للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمكن أن يُصامَ قضاءً عن غيره, فلو صام الدهر كله؛ لم يقض عنه حق ذلك المُعيَّن. لكن وجب عليه صوم يوم؛ لأنه أحد الواجبَين، والتعيين هو الواجب الآخر، فَفَوات أحدهما لا يوجِب سقوط الآخر. وهذا معنى كلام أحمد, وسواء أفطر بجماع أو أكل أو غيره" (١).

وقال ابن المُنَيِّر: "يعني أن القضاء لا يقوم مقام الأداء، ولو صام عِوَض اليوم دَهْرا، ويقال بموجبه؛ فإن الإثم لا يسقط بالقضاء, ولا سبيل إلى اشتراك القضاء والأداء في كمال الفضيلة. فقوله: «لم يقضه صيام الدهر» أي: في وصفِه الخاص به وهو الكمال, وإن كان يقضي عنه في وصفِه العام المنحط عن كمال الأداء. هذا هو اللائق بمعنى الحديث, ولا يُحمَل على نفي القضاء بالكلّيَّة, ولا تُعهَد عبادة واجبة مؤقتة لا تَقبل القضاء إلا الجُمعة؛ لأنها لا تجتمع بشروطها إلا في يومها، وقد فات, أو في مثله، وقد اشتغلت الذِمّة بالحاضرة، فلا تَسَع الماضية" (٢).

والله أعلم.


(١) شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٢٧٢.
(٢) نقله عنه الحافظ في الفتح ٤/ ١٦١، والقسطلاني في إرشاد الساري ٣/ ٣٧٥. ولم أجده في المتواري لناصر الدين. ولعله لأخيه زين الدين في حاشيته على ابن بطال، وهو غير مطبوع.

<<  <   >  >>