للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن الله سبحانه وتعالى قد وهب لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليلة القدر المذكورة في القرآن, ولم يعطها من كان قبلهم من الأمم المتقدمة, فهذا صريح في أنها من خصوصياتها (١).

أدلة القول الثاني: القائلين أن ليلة القدر ليست مختصة بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بل كانت في الأمم قبلنا.

عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن ليلة القدر, أفي رمضان هي، أو في غيره؟ قال: «بل هي في رمضان» قال: قلت: تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضوا رفعت، أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: «بل هي إلى يوم القيامة» (٢).

وفي لفظ: قلت: يا رسول الله ليلة القدر أنزلت على الأنبياء بوحي إليهم فيها، ثم ترجع؟ فقال: «بل هي إلى يوم القيامة» (٣).

وجه الاستدلال: أن وجود ليلة القدر مع الأنبياء -كما جاء في الحديث- صريح في أنها غير مختصة بهذه الأمة، وأنها كانت في الأمم الماضين كما هي في أمتنا (٤).

الترجيح: بعد عرض أدلة القولين يظهر جليا أنه ليس في أدلة القولين دليل صحيح من جهة الإسناد، لكن ما استدل به أصحاب القول الأول أن ليلة القدر خاصة بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو بَلَاغ (٥) الإمام مالك الذي رواه عن الثقات من أهل العلم, مع مُرْسَل (٦) مجاهد, يجعل لهذا القول قوة.


(١) ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير ٣/ ٣٥٢، والتيسير بشرح الجامع الصغير ١/ ٢٦٣.
(٢) رواه أحمد ٣٥/ ٣٩٣ رقم ٢١٤٩٩, والنسائي في السنن الكبرى ٣/ ٤٠٧ رقم ٣٤١٣, في الاعتكاف, باب: ليلة القدر في كل رمضان, والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٥٠٥ رقم ٨٥٢٥, في الصيام, باب الدليل على أنها في كل رمضان, وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده ضعيف".
(٣) رواه ابن خزيمة ٣/ ٣٢٠ رقم ٢١٦٩, في الصيام, باب ذكر دوام ليلة القدر في كل رمضان إلى قيام الساعة، ونفي انقطاعها بنفي الأنبياء, وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ٧/ ٩٩ رقم ٣١٠٠: "إسناده ضعيف".
(٤) ينظر: تفسير ابن كثير ٨/ ٤٤٥، فتح الباري ٤/ ٢٦٣، عمدة القاري ١١/ ١٣٢، إرشاد الساري ٣/ ٤٣٧.
(٥) البلاغات: هي ما قال فيها الراوي: بلغني. وهي من قَبيل الأحاديث المرسلة. وهي حجة عند الإمام مالك. ينظر: مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح ص ٢٠٢
(٦) المرسل: في اللغة: المطلق وفي الاصطلاح: ما أضافه التابعي إلى النبي من قول أو فعل. ينظر: لسان العرب ١٤/ ٢٦، الباعث الحثيث ص ٤٧.

<<  <   >  >>