للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن لفظ المساجد في الآية جاء عاما، يتناول كل المساجد (١).

قال الإمام مالك: "فَعَمَّ الله المساجد كلها, ولم يُخَصِّص منها شيئا" (٢).

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «السُنَّة على المعتكِف أن لا يعود مريضا, ولا يشهد جنازة, ولا يمس امرأة, ولا يباشرها, ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه, ولا اعتكاف إلا بصوم, ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع» (٣).

وجه الاستدلال: أن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ذكرت أن السُنَّة الاعتكاف في كل مسجد جامع، ولم تَخُصَّ الاعتكاف بالمساجد الثلاثة.

الدليل الثالث: عن شداد بن الْأَزْمَع (٤)، قال: اعتكف رجل في المسجد الأعظم، وضرب خيمة فَحَصَبَه (٥) الناس، فبَلَغ ذلك ابن مسعود - رضي الله عنه -: «فأرسل إليه رجلا، فكفَّ الناس عنه, وحَسَّن ذلك» (٦).

وجه الاستدلال: أن ابن مسعود - رضي الله عنه - حَسَّن اعتكاف هذا الرجل في مسجد الكوفة, ولم ينكر عليه فعله ذلك.

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا يجوز الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومسجد بيت المقدس.

استدل أصحاب هذا القول بما جاء عن حذيفة أنه قال لعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما -: عُكوفٌ بين دارك ودار أبي موسى، لا تُغَيِّر؟ , وقد عَلِمتَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا اعتكاف إلا


(١) ينظر: تفسير الرازي ٥/ ٢٧٦، المحلى ٣/ ٤٢٨.
(٢) الموطأ ٣/ ٤٥٠ رقم ١١١٣, كتاب الاعتكاف, باب ذكر الاعتكاف, وينظر: الاستذكار ٣/ ٣٨٦.
(٣) سبق تخريجه صفحة (٦٢٧).
(٤) هو: شداد الْأَزْمَع بن أبي بُثَيْنَة بن عبد الله, الوادعي الكوفي, وكان هو وأخوه الحارث بن الأزمع شريفين بالكوفة، وسمع شداد من: عبد الله بن مسعود، وعمرو بن العاص, روى عنه: قيس بن أبي حازم، وعلي بن الأقمر, توفي شداد بالكوفة في ولاية بشر بن مروان, وكان ثقة قليل الحديث. ينظر: الطبقات الكبرى ٦/ ١٩٦, التاريخ الكبير ٤/ ٢٢٥, طبقات خليفة ص ٢٥١.
(٥) الحَصْبُ: رميُك بالحَصْباء أي صغار الحَصى أو كبارها. ينظر: كتاب العين ٣/ ١٢٣.
(٦) رواه عبد الرزاق في المصنف ٤/ ٣٤٧ رقم ٨٠١٥, كتاب الاعتكاف, باب لا جوار إلا في مسجد جماعة, وابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣٣٧ رقم ٩٦٧١, كتاب الصيام, من قال: لا اعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه, والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ٣٠٢, رقم ٩٥١٢.

<<  <   >  >>