أحدهما: أن تعبيره بقوله: وإن لم يكن للمشرف على الهلاك مال.
صوابه العكس وهو أن يقول: وإن كان للمشرف على الهلاك مال، فإن التعبير الواقع في الرافعي، يقتضي أنه لا يجب الإطعام إذا لم يكن للمضطر مال وليس كذلك، فإن التخليص والإطعام واجبان عند عدم المال بلا شك، وإنما يختلفان عندها، ولا القائلين بالاختلاف في حال وجوده، ففي الإطعام: لا يجب حتى يأخذ، وفي التخليص: يجب خوفًا من الفوات.
الأمر الثاني: أن النووي قد ذكر من "زوائده" في آخر الجعالة عرضًا فيه مخالفة للمذكور هنا، وقد ذكرته هناك فراجعه.
قوله: ثم إن بذل المالك طعامه بأكثر من ثمن المثل، والتزمه ففي ما يلزمه وجوه:
أقيسها: يلزمه المسمى.
والثاني: ثمن المثل، لأنه كالمكره.
والثالث: إن كانت الزيادة لا تشق على المضطر ليساره لزمته، وإلا فلا، ثم قال بعد ذلك: وهذا الخلاف إنما هو في من عجز عن الأخذ قهرًا، فإن لم يعجز لزمه المسمى بلا خلاف. انتهى كلامه.
وما ادعاه من عدم الخلاف سبقه إليه الإمام الغزالي فقلده هو فيه وتابعه عليه النووي أيضًا في "الروضة" و"شرح المهذب" وليس كذلك، فقد صرح ابن الصباغ في "الشامل" بحكاية الوجهين في هذه الصورة أيضًا، وجعل إراقة الدم مقام العجز وهو كلام واضح، ونقله عنه أيضًا في "الكفاية".