وأما المسائل التي عدوها وجعلوها مما يفتى فيه على القديم سببه أن جماعة من المنتسبين لمذهب الشافعي بلغوا رتبة الاجتهاد في مذهبه وربما جاوزها بعضهم إلى التحري في أقوال العلماء فلاح لهم في بعض المسائل أن القديم أظهر دليلًا من الجديد فأفتوا به بناء على ظهور الدليل غير ناسبين ذلك إلى الشافعي.
وكذلك القول المُخَرّج حكمه حكم القول القديم، فمن بلغ رتبة التخريج ولاح له الدليل أفتى بالقديم والمخرج، ومن لم يبلغ هذه الأهلية فلا وجه لعمله ولا لفتواه بشيء منهما، كذا ذكره جماعة منهم النووي في أوائل "شرح المهذب" على أن المسائل التي عددها لا يسلم أن الإفتاء فيها على القديم لأمرين:
أحدهما: أن الأكثرين خالفوا في معظمها فأفتوا فيها بالقول المشهور بالجديد.
والثاني: أن أكثرها فيها قول جديد موافق للقديم فتكون الفتوى على الجديد لا على القديم.
إذا علمت ذلك فقد آن لنا أن نسرد تلك المسائل التي أشار إليها وذكرنا هذا الفصل بسببها.
فنقول: الذي ذكره -رحمه الله- في "شرح المهذب" ثمانيه عشرة مسألة أخذها من ابن الصلاح إلا مسألة واحدة، منها ثلاثة اقتصر عليها الإمام.
إحداها: عدم [وجوب](١) التباعد في الماء الكثير بقدر قلتين.