للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥. إكثاره من الجدل الفقهي، وذكر الاختلاف، والرد على المخالف، وهذا أمر بارز في هذا الكتاب، متأثراً بما سبق ذكره عن المدرسة المالكية العراقية (١)، وقد عد هذا الكتاب أصلاً يستفاد منه في هذا، ويدل عليه ما ورد في وصية ابن أبي زيد القيرواني لبعض طلابه، حيث قال لهم: وإذا دخلت العراق، فاكتب ما تجد لأهل الوقت من الخلاف والحجة، وإن كانت لك رغبة في الرد على المخالفين من أهل العراق والشافعي: فكتاب ابن الجهم إن وجدته، وإلا اكتفيت بكتاب الأبهري إن كسبته، وكتاب الأحكام لإسماعيل القاضي، وإلا اكتفيت باختصارها للقاضي ابن العلاء. (٢)

ومن السمات البارزة في هذا الجانب: إلزامه للمخالف بقوله في مسألة بقول وفي مسألة أخرى بقول، ومن الأمثلة على ذلك قول المؤلف: وزعم أهل العراق: أنهم يقتلون الحر بالعبد، والمسلم بالكافر وسووا بينهم، وقد فرّق الله وجعل القصاص بالتساوي، وفرّق بين الحرية والعبودية، وبين المسلم والكافر، فلم يوجب على من قذف كافراً وعبداً ما أوجبه على من قذف حراً مسلماً، والحدود يرد بعضها إلى بعض. وقد ناقضوا أيضاً فزعموا: أنهم يقتلون الحر المسلم بالعبد والكافر، ولا يفقؤون عينه بعينه، وكذلك سائر الجراح وذلك في نسق الآية، فزعموا أن النفس تساوي النفس، واليد لا تساوي اليد، فإن كانوا أرادوا الجسم فالمساواة ظاهرة بينه، وإن أرادوا الجنس فالجنسان مختلفان. (٣)


(١) ص: ٢١.
(٢) مخطوط الذب عن مذهب مالك، نقلت هذا النص عن: الجدل الفقهي عند مالكية بغداد، د. محمد العلمي: ١٣٣، المدرسة المالكية العراقية، د. حميد لحمر: ٥٠٨.
(٣) ص: ١٥٧.

<<  <   >  >>