للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم تصفين (١) ذلك على أنفسهم، وإخراجه إلى الإمام , أو صرفه إن وُكل إليهم في الوجوه التي تسمى الصدقات فيها بحسب الحاجة، والله أعلم.

وفي الآية ذكر الزيتون والرمان مع النخل والزرع ,فأما النخل فيخرص (٢)، ويؤخذ تمراً قبل الجذاذ , والزرع يؤخذ منه إذا كيل بعد الفراغ منه , وأما الزيتون فيؤخذ إذا بلغ خمسة أوسق من زيته إذا عصر, وأما الرمان فلا شيء فيه (٣). وقد قال أبو حنيفة: فيه الزكاة (٤) *. وهذه الأشياء لم تحدث، وقد كان الرمان على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء من بعده، فلم يرو أن أحداً منهم أخذ منه، ولا من شيء من الخضر الزكاة , وإنما أوجب - عليه السلام - الزكاة فيما دخل الوسق , وحُد خمسة أوسق (٥)


= وما ذكره المؤلف هنا هو أحد الأقوال الخمسة التي قيلت في تفسير هذه الاية، قال أبو جعفر النحاس: للصحابة والتابعين والفقهاء في هذه الآية خمسة أقوال: فمنهم من قال: هي منسوخة بالزكاة المفروضة، ومنهم من قال: هي منسوخة بالسنة، العشر ونصف العشر، ومنهم من قال: يعني بهذه الزكاة المفروضة، ومنهم من قال: هي محكمة واجبة يراد بها غير الزكاة، ومنهم من قال: هي على الندب. ثم ذكر القائلين بكل قول، ورجح كونها منسوخة، وهذا مارجحه ايضاً ابن جرير. [الناسخ والمنسوخ: ٢/ ٣٢٢، ٣٣٥، جامع البيان: ٨/ ٥٩].
والأكثر من أهل العلم على أن الآية محكمة، وهذا ما رجحه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ: ٣٣، والجصاص في أحكام القرآن: ٣/ ١٦، ومكي في الإيضاح: ٢٨٥، وابن العربي في أحكام القرآن: ٢/ ٢٨٦، وابن عطية في المحرر الوحيز: ٦/ ١٦٤، وابن كثير في تفسيره: ٢/ ١٨٢ حيث قال: وفي تسمية هذا نسخاً نظر؛ لأنه قد كان شيئاً واجباً في الأصل ثم إنه فُصّل بيانه، وبين مقدار المخرج وكميته، قالوا: وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة.
(١) أي: تقسيم ذلك مالهم وما عليهم، يقال: تصافن القوم الماء: اقتسموه بالحصص.
[تهذيب اللغة: ١٢/ ٢٠٨، تاج اللغة للجوهري: ٦/ ٢١٥٢].
(٢) خَرَصَ النخلة والكرمة يخرصها خَرْصاً: إذا حزر ما عليها من الرطب تمراً، ومن العنب زبيباً، فهو من الخرْص: الظن؛ لأن الحزر إنما هو تقدير بظن. [النهاية في غريب الحديث: ٢/ ٢٢].
(٣) المدونة: ١/ ٣٤٢، النوادر والزيادات: ٢/ ١٠٩، الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ٣٩٦، تفسير القرطبي: ٧/ ١٠٣. وقد وافق الشافعي وأحمد مالك في أنه لا زكاة في الرمان. المغني: ٤/ ١٥٥، المجموع: ٥/ ٤٣٤.
(٤) أحكام القرآن للطحاوي: ١/ ٣٣٩، أحكام القرآن للجصاص: ٣/ ١٧.
* لوحة: ١٤٣/أ.
(٥) الوَسق: بالفتح سِتُّون صاعاً، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز، وأربعمائة وثمانون رطلاً عند أهل العراق، على اختلافهم في مقدار الصاع والمد، والأصل في الوسق: الحِمْل وكل شيء وسَقْتَه فَقَد حَمَلْتُه.
[النهاية في غريب الحديث: ٥/ ١٨٤].

<<  <   >  >>