للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انظر واديا كثير الحطب فأضرمه عليهم نارا، فقال العباس (١): ما تقول قَطَعَتكَ رَحِمُك! قال: فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرد عليهم شيئاً. فقال أناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال أناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللين، وإن الله ليشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة، مَثَلُك يا أبا بكر مَثَل إبراهيم - عليه السلام - قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) ومَثَلُك يا أبا بكر مَثَل عيسى - عليه السلام - حيث يقول: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٣) ومَثَلُك يا عمر؛ كمثل نوح صلى الله عليه، قال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} (٤) ومَثَلُك يا عمر؛ مَثَل موسى - عليه السلام - إذ يقول: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} (٥) أنتم عالة (٦)، فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق. فقال عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا سهيل بن بيضاء (٧) فإني سمعته يذكر الإسلام، فسكت رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: فما رأيتني في يوم أخوف مني في ذلك اليوم أن تقع علي (٨) الحجارة من السماء، حتى قال الرسول


(١) هو: العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد المطلب، أبو الفضل عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل: إن إسلامه كان قبل بدر، مات بالمدينة سنة ٣٢ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٤/ ٣٢١) والإصابة (٣/ ٥١١).
(٢) سورة إبراهيم (٣٦).
(٣) سورة المائدة (١١٨).
(٤) سورة نوح (٢٦).
(٥) سورة يونس (٨٨).
(٦) العالة: جمع عائل وهو الفقير، ينظر النهاية في غريب الحديث (٣/ ٢٩١).
(٧) هو: سهيل بن وهب بن ربيعة بن الحارث، أبو موسى الفهري، وأمه بيضاء التي ينسب إليها، من المهاجرين شهد بدرا وما بعدها، مات بعد رجوع النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك فصلى عليه. ينظر: طبقات ابن سعد (٣/ ٢٢١)، والإصابة (٣/ ١٧٤).
(٨) لوحة رقم [١/ ١٥٦].

<<  <   >  >>