للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- صلى الله عليه وسلم - إلا سهيل بن بيضاء، فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} الآيتين? (٢).

قال القاضي: فقد كان سبق في علم الله وكَتْبِه فيما جرى به القلم، أن سيحل ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمه ذلك ولم ينكره عليه، وقد كان سبق الكتاب بالمغفرة لأهل بدر وكل ما فعلوه، وسبقت لهم الشهادة، وسبق حكمه ألا يعذب أحدا على شيء، قبل أن يتقدم إليهم فيه، ولم يكن تقدم فيهم، فأخبر عز وجل أنه لو لم يكن أحلها لهم، أو كان قد تقدم بالنهي لعذبهم؛ لأن الأمم كانت قبلهم لا تحل لهم الغنائم والفداء فكانوا يحرقونها، بل قيل: كانت نار من السماء تأتي فتحرقها (٣)، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ? أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، ونصرت بالرعب من مسيرة شهر? روى ذلك حذيفة بن اليماني (٤)، وأبو هريرة (٥) وغيرهما (٦).


(١) سورة الأنفال (٦٧).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة [٧/ ٣٥٩ غزوة بدر الكبرى] وأحمد (١/ ٣٨٣) وأبو يعلى (٩/ ١١٦)، الترمذي [٣/ ٢٧٤ كتاب الجهاد، باب ما جاء في المشورة] وقال: حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. والحاكم [٣/ ٢٤ كتاب المغازي] والبيهقي [٦/ ٣٢١ باب ما جاء في مفادات الرجل منهم] والطبراني في الكبير (١٠/ ١٤٤) قال ابن حجر في الفتح (١/ ٣٠٩) عن سماع أبي عبيدة من أبيه: " لم يسمع من أبيه على الصحيح ".
(٣) أخرج أحمد (٢/ ٢٢٢) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلي ... قال: وأحلت لي الغنائم آكلها، وكان من قبلي يعظمون أكلها، كانوا يحرقونها ... ) الحديث، قال ابن كثير في تفسيره (٢/ ٤٠٥): " إسناد جيد قوي ـ أيضا ـ ولم يخرجوه ".
وأخرج البيهقي [٢/ ٤٣٣ أبواب الصلاة بالنجاسة، باب أينما أدركتك الصلاة فصل] من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ... قال: وكانت الأنبياء يعزلون الخمس فتجيء نار فتأكله ... ) الحديث.
(٤) هو: حذيفة بن اليمان، اسم أبيه: حِسْل بن جابر العبسي اليماني، أبو عبد الله، صاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شهد أحدا وما بعدها، توفي بالمدائن سنة ٣٦ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٧/ ١٥٦)، والإصابة (٢/ ٢٢٣).
(٥) هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أبو هريرة، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحافظ عنه سنته، أسلم سنة سبع ولزم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر الصحابة رواية للحديث، توفي قرب المدينة سنة ٥٧ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٤/ ٤٧٩) والإصابة (٧/ ٣٤٨).
(٦) ذكره المؤلف ـ رحمه الله ـ في معنى الكتاب الذي سبق من الله فكان مانعا من عذابهم، ثلاثة أمور، وقد قرر ابن العربي ـ أيضا ـ في أحكام القرآن (٢/ ٤٣٥) ما ذكره المؤلف، وصححه، لكنه ذكر أن ما سبق في علم الله من إباحة الغنائم أقواها.

<<  <   >  >>