الثاني: قد ثبت أن الله تعالى أبطل النسيء في العام الذي حج فيه أبو بكر - رضي الله عنه -، وذلك بنزول سورة براءة، فلو كانت حجته في غير ذي الحجة، للزم منه أن تقع حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده في ذي القعدة، فعلم أن حجة أبي بكر - رضي الله عنه - قد وقعت في ذي الحجة، حتى يستقيم عد الشهور لتوافق حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - شهر ذي الحجة، يشهد لهذا ما أخرجه الطبراني في الأوسط (٣/ ١٩٦) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان العرب يجعلون عاما شهرا وعاما شهرين، ولا يصيبون الحج إلا في كل ست وعشرين سنة مرة، وهو النسيء الذي ذكر الله ـ عز وجل ـ في كتابه، فلما كان عامُ حجِ أبي بكر بالناس، وافق في ذلك العام الحج فسماه الله الحج الأكبر، ثم حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العام المقبل. (١) قال ابن منظور في لسان العرب مادة: حمس: " الأحمس: المتشدد على نفسه في الدين ... والحُمُس: قريش، لأنهم كانوا يتشددون في دينهم " وقال البغدادي في المحبر ص ١٧٩ ذاكرا القبائل التي ينتظمها اسم الحمس: " قبائل الحمس من العرب: قريش كلها، وخزاعة لنزولها مكة ومجاورتها قريشا، وكل من نزل مكة من قبائل العرب ". (٢) هو: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو تراب، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) ولي الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان، ومات غدرا سنة ٤٠ هـ. ينظر: طبقات ابن سعد (٣/ ١٢) والإصابة (٤/ ٦٤٦). (٣) أخرجه أحمد (١/ ٧٩) والدارمي [٢/ ٩٤ كتاب الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان] والترمذي [٢/ ٢٤٥ كتاب الحج، باب ما جاء في كراهة الطواف عريان] وقال: حديث حسن، والحاكم [٣/ ٥٤ كتاب المغازي] وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي [٩/ ٢٠٦ كتاب الجزية، باب لا يقرب المسجد الحرام مشرك].